لكن صعود بيش لم يكن سوى البداية. ففي عام 1997، أثناء سفره في قطار الشينكانسن بين طوكيو وناغويا، رسم بيش فكرة على ظهر مظروف خلال محادثة مع كارل هاينز نومان، رئيس تطوير المحركات في فولكس فاجن آنذاك. كانت الفكرة محركًا من 18 أسطوانة، قويًا، ثوريًا، وغير مسبوق. هذه الفكرة كانت نواة المحرك الذي تطور لاحقًا ليصبح المحرك الأسطوري W-16 لبوجاتي.

كان لدى بيش رغبة عميقة في دفع حدود التكنولوجيا، حيث تخيل سيارة يمكنها إنتاج 1000 حصان والوصول إلى سرعات تصل إلى 400 كم/س (248 ميل/س)، دون أن تفقد الفخامة وسهولة الاستخدام التي تتميز بها السيارات الفاخرة. ولكن هذه الفكرة لم يكن من الممكن تنفيذها باستخدام أي هيكل سيارة موجود آنذاك، ما تطلب ابتكارًا جديدًا كليًا في الهندسة.

وبينما كان يبحث عن علامة تجارية للسيارات التي تتناسب مع رؤيته الجريئة، نظر بيش إلى بينتلي ورولز رويس. لكن أثناء عطلة عيد الفصح في 1997، تدخل القدر عندما أصر ابنه غريغور على شراء نموذج لعبة من طراز بوجاتي تايب 57 SC أتلانتك. حماسته جعلت بيش يدرك أن بوجاتي، الاسم الذي يرمز إلى الأداء والفخامة، هو الخيار المثالي لمشروعه.

وفي 5 مايو 1998، تم تأمين حقوق العلامة التجارية لبوجاتي وتم توقيع العقود المتعلقة بها. ثم كلف بيش صديقه، المصمم الشهير جيورجيتو جيوجيارو من إيتالديساين، لتطوير مفهوم يجسد رؤيته. وكان جيوجيارو قد صمم سابقًا سيارة EB112 لبوجاتي، التي لم تدخل حيز الإنتاج بسبب المشاكل المالية، ليكون ذلك الأساس لأول "بوجاتي-فولكس فاجن".

وكانت النتيجة هي بوجاتي EB 118، وهي سيارة كوبيه ذات بابين، أُطلق عليها اسم المحرك المكون من 18 أسطوانة. ولدهشة الجمهور، تم الكشف عن هذه السيارة في معرض باريس للسيارات في سبتمبر 1998، بعد بضعة أشهر فقط من استحواذ فولكس فاجن على العلامة التجارية.

تبع ذلك في مارس 1999 الكشف عن سيارة EB 218، وهي سيارة سيدان فاخرة، ثم في سبتمبر من نفس العام، قدمت بوجاتي سيارة EB 18/3 شيرون في معرض فرانكفورت للسيارات. ومع ذلك، تم تعديل أرقام الطراز بسبب قضايا تتعلق بحقوق العلامات التجارية.

لكن المفاجأة الكبرى جاءت في أكتوبر 1999 عندما تم الكشف عن EB 18/4 فيرون في معرض طوكيو للسيارات، السيارة التي ستكون أساس النموذج الإنتاجي لاحقًا. لم يكن هذا التصميم من جيوجيارو، بل من إشراف هارتموت واركوس، بينما تم تصميم الشكل بواسطة المصمم التشيكي الشاب جوزيف كابان.

وفي عام 2000، أعلن بيش أن بوجاتي ستقوم ببناء سيارة إنتاجية بقوة 1001 حصان وسرعة قصوى تتجاوز 400 كم/س. لكن التحدي الحقيقي لم يكن فقط في التفوق التقني، بل في تلبية مواصفات بيش: إنشاء سيارة قادرة على السفر بسرعة 400 كم/س في الصباح، وفي المساء تكون مناسبة لقيادة أنيقة إلى الأوبرا مع زوجته.

هدف بيش كان واضحًا: يجب على بوجاتي أن تقدم الاستثنائي، الغير قابل للمقارنة، والمثالي. كانت كل سيارة يجب أن تكون فريدة من نوعها. "هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن لبوجاتي فعله" كما كتب في وقت لاحق.

في عام 2005، أصبح حلم بيش واقعًا. حيث تم الكشف عن بوجاتي فيرون 16.4، التي وضعت معايير جديدة في الأداء والسرعة والفخامة. بسرعة قصوى بلغت 407 كم/س (253 ميل/س) وتسارع من 0 إلى 100 كم/س في 2.5 ثانية، وكانت السيارة الأسرع في العالم.

لكن فيرون كانت أكثر من مجرد معجزة تقنية؛ فقد كانت تجسيدًا لإصرار فرديناند بيش على السعي وراء الكمال. وحتى اليوم، بعد عقدين من الزمن، لا يزال إرث فيرون لا يُضاهى. حيث كانت ثورة حقيقية، ومازالت تواصل كونها أصل السيارات الرياضية الفائقة، وتمثل شهادة على ما يمكن تحقيقه عندما تلتقي العبقرية التقنية مع رؤية لا تقبل المساومة.

قاد البروفيسور فرديناند كارل بيش بوجاتي للعودة إلى قمة الهندسة في صناعة السيارات وأعاد العلامة التجارية إلى مكانتها التاريخية كرمز للأداء والفخامة. وكل هذا بدأ بإرادته الثابتة لإنشاء ما هو استثنائي وخالد.