قدّمت جائزة أبوظبي الكبرى للفورمولا 1 لعام 2025 واحدة من أكثر نهايات الموسم إثارة في السنوات الأخيرة، حيث تحوّلت حلبة ياس مارينا إلى مركز نابض بالحياة يجمع بين المنافسة الشرسة، الاحتفالات الثقافية، وعروض الترفيه العالمية. وبأجواء امتلأت بالحماس منذ اليوم الأول، سجّل الحدث أرقام حضور قياسية، مؤكّدًا مكانة أبوظبي كإحدى أهم الوجهات الرياضية على خارطة الفورمولا 1 الدولية.
جاءت ليلة السبت لتشعل الصراع على اللقب، حيث حقق ماكس فيرشتابن مركز الانطلاق الأول بفضل سحب هوائي مثالي قدمه له زميله يوكي تسونودا. بفارق ضئيل، تفوّق فيرشتابن على منافسيه المباشرين لاندو نوريس وأوسكار بياستري، اللذين دخلا سباق الأحد وكل منهما يطمح لانتزاع بطولة العالم.
نوريس، متصدر البطولة قبل الجولة الأخيرة، كان يحتاج فقط إلى منصة تتويج ليحسم لقبه الأول، فيما استعد بياستري وفيرشتابن لمعركة تحت الأضواء في سباق حمل كل عناصر الإثارة. وزاد الانسحاب المبكر للويس هاميلتون في الحصة التأهيلية من حبكة الدراما، حيث ترقب الجمهور مواجهة حاسمة عند غروب شمس أبوظبي.
لم يكن الحدث محصورًا داخل الحلبة فقط، بل امتد إلى ساحات ياس ومناطق المشجعين التي امتلأت بفعاليات رمزية تعكس روح الإمارات. حيث حصل مشجعان محظوظان على لوحات أبوظبي موقعة من فيرشتابن وتسونودا، تجسيدًا للشغف المحلي برياضة المحركات.
كما استقبلت الفرق عروض العَيّالة الإماراتية عند وصولها إلى الحلبة، بينما أضفت النجمة كاتي بيري حضورًا لافتًا في منطقة البادوك. وفي حديقة الاتحاد، ألهبت فرقة ميتالكا والفنان Benson Boone الأجواء بحفلات ضخمة حولت أسبوع السباق إلى مهرجان عالمي يجمع بين الفن والثقافة والرياضة.
على المسار، كان للمواهب الإماراتية والعربية حضور مؤثر؛ إذ خطف سائق Yas Heat Racing آدم العزهري الأضواء بتحقيقه المركز الثالث في سباق الفورمولا 4 الإمارات، بعد أداء قتالي في 12 لفة.
وفي الفورمولا 2، اختتم أرفيد ليندبلاد موسمه بفوز مثير في سباق السبرينت، قبل صعوده إلى الفورمولا 1 في 2026، بينما شهدت فئة الدعم منافسات قوية بين جاك كروفورد وليوناردو فورنارولي ضمن معركة الوصافة. هذا المزيج بين الأبطال العالميين والوجوه الصاعدة أضفى نكهة فريدة لا تجدها إلا في أبوظبي.
نجاح الحدث لم يكن ليتحقق دون جهود أكثر من 750 متطوعًا من دولة الإمارات، بينهم عدد متزايد من الشابات الإماراتيات. فقد عملوا كحراس مسار، ومنسّقين، ومراقبين لضمان سلامة كل لحظة على المضمار، بعد أشهر من التدريب.
ومع رفع العلم الشطرنجي الأخير، احتفلت جزيرة ياس بنهاية موسم تاريخي يعكس التزام الإمارات المستمر بدعم رياضة السيارات العالمية. فجائزة أبوظبي الكبرى ليست مجرد سباق، بل عرض ثقافي، وملتقى عالمي، وتجربة سنوية لا تُفوّت لعشاق الفورمولا 1 حول العالم.