مع التطور المستمر سريع الخطى لمجال صناعة السيارات الحالي، نجد أن الصناعة دائمًا ما تحرص على تقديم كل ما هو أحدث وأكثر كفاءة لإرضاء توقعات العملاء ومواكبة التطور العالمي في مجال التقنية والميكانيكا. وكونها هي القلب النابض بسيارتك الذي يعطيها الطاقة الكافية للانطلاق من خلال عملية حرق الوقود، فقد كانت رحلة تطور المحركات طويلة، فمن محركات الاحتراق الداخلي إلى المحركات الهجينة ثم وصلنا إلى المحركات الكهربائية وحتي الهيدروجينية. ونتحدث في السطور القادمة عن تطور محركات الاحتراق الداخلي، ونتعمق أكثر في ماهية وكيفية عمل محرك الحقن المباشر GDI بالتحديد.
اعتمدت المحركات القديمة على جزء يسمى الكاربوريتر لتكوين مزيج الهواء الوقود في غرفة المحرك بالنسب التي تضمن إتمام عملية الاحتراق بشكل مثالي وبمساعدة شمعات الاحتراق يتم حرقها لتوليد الطاقة. بعدها، ومع التطور التقني المستمر في عالم صناعة المحركات، تم اختراع بخاخات السيارة التي تعمل على ضخ الوقود داخل غرفة المحرك عن طريق بخاخات توجد فوق المحرك بشكل مباشر، والتي يتم التحكم بها عن طريق كمبيوتر السيارة، بعدها تم التوصل إلى ضرورة تقريب بخاخات الوقود من محرك السيارة، بهدف توفير الوقود وعدم تبخر أي جزء منه أثناء عملية الحرق، فتم اختراع نظام البخاخات المتعدد والمعروف باسم EFI، ولم تكتف شركات السيارات بذلك بالطبع، فدائمًا ما يبحثوا عن طريقة تمكنهم من توفير أكبر عزم للسيارة دون التخلي عن الاقتصادية.
وبمرور الوقت، تم اختراع محرك الحقن المباشر للوقود GDI، وهي التي تتيح للوقود الوصول بشكل مباشر إلى داخل غرفة الاحتراق في محرك السيارة بشكل منفصل عن الهواء وعن طريق بخاخات حديثة متطورة، وهي مشابهه في طريقة عملها لمحركات الديزل.
بدأ الأمر عن طريق شركة مرسيدس التي استخدمت النظام في بعض طائراتها ومن ثم احتضنتها سيارة السباقات التي كانت الأسرع في وقتها 300 SL، بعدها تبنت شركة ميتسوبيشي نفس التقنية، حيث وفرت محركات الحقن المباشر للوقود في معظم طرازاتها لتقدم للعملاء أفضل ما في السوق من تقنيات في عالم المحركات.
إن أردت التوغل أكثر في كيفية عمل محركات الحقن المباشر للوقود، فعليك أن تعلم أنها تعتمد على مضخة الوقود في السيارة وعلى البخاخات بشكل أساسي، حيث يعمل نظام الحقن المباشر للوقود عن طريق مضختين واحدة مسؤولة عن الضغط المنخفض والأخرى عن الضغط المرتفع.
الأولى تعتمد على ضغط الوقود عندما يصل إلى 2-3 بار، حيث تقوم بإيصال الوقود إلى المضخة الأخرى التي تقوم برفع ضغط البنزين بشكل كبير يصل إلى 200 بار، بعد إيصال الوقود إلى المضخة الأخرى، هنا يبرز دور محركات الحقن المباشر للوقود بشكل محوري، حيث أنه بعد وصول الوقود بضغط عالي إلى غرفة المحرك، تعمل البخاخات الموجودة على بوابة غرفة الاحتراق في المحرك على ضخ البنزين على شكل رذاذ وبخار وبجزيئات مفككة نظراً للضغط العالي الذي تعرض له، وذلك بشكل مباشر داخل غرفة الاحتراق. وهذا الفرق الرئيسي بين الحقن المباشر الموجودة حالياً والأنظمة الأخرى التي لم يكن حقن الوقود فيها مباشراَ داخل غرفة الاحتراق.
وجدير بالذكر أن هذه التقنية تم تطويرها لتستخدم في محركات مزدوجة الآلية، حيث تستخدم كلا النظامين: EFI وGDI، حيث يتم تزويد المحرك بالعديد من البخاخات ويتحكم كمبيوتر السيارة في النظام المناسب للاستخدام على حسب عدد دورات المحرك، فعلى سبيل المثال محركات V8 مزودة بـ 16 بخاخ لضخ الوقود إلى داخل غرفة المحرك وكذلك الأمر في محركات V6، حيث يتم تركيب 12 بخاخ مسؤول عن ضخ البنزين بداخل المحرك.
وحينها، عندما يكون عدد دورات المحرك قليلة وعزم الدوران أقل يعمل نظام EFI، أما في منتصف دورات المحرك يتم تقسيم الدور بين نظامي EFI وGDI، أما في حالة أن عدد دورات المحرك كبير والضغط على دواسة الوقود لأقصاه، فهنا يأتي دور نظام الحقن المباشر للبنزين GDI.