تدخل جاكوار واحدة من أكثر مراحلها جرأة وتعقيدًا في تاريخها الممتد لعقود، وهي تحاول إعادة تعريف هويتها بالكامل كعلامة فاخرة كهربائية خالصة. ورغم أن السيارة الجديدة المعروفة داخليًا باسم X900، والمستوحاة من اختبارية Type 00، لم تصل بعد إلى مرحلة الإنتاج، إلا أن المواصفات التقنية التي كشفت عنها الشركة تثير تساؤلًا جوهريًا: هل ما زالت القوة الحصانية المفرطة عاملًا حاسمًا في عصر السيارات الكهربائية؟
تعتمد جاكوار الجديدة على ثلاثة محركات كهربائية، واحد في الأمام واثنان في الخلف، لتوليد أكثر من 1000 حصان، مع توزيع عزم مائل للخلف بنسبة 30:70، قابل للتغيير حسب ظروف القيادة. ورغم هذا الرقم المذهل، تستهدف جاكوار وزنًا يقل عن 2750 كجم، وهو رقم كبير لكنه متوقَّع لسيارة بطول يتجاوز خمسة أمتار وعجلات قياس 23 بوصة، ما يمنحها حضورًا مهيبًا على الطريق.
وفي حين أن الغطاء الأمامي الطويل يوحي بمحرك تقليدي كبير، لكنه في الواقع يخفي حزمة بطاريات ضخمة تُقدَّر بنحو 120 كيلوواط/ساعة، توفر مدى يصل إلى 644 كيلومترًا وفق معيار WLTP.
جاكوار، المملوكة لمجموعة تاتا، أعلنت بوضوح أنها تغلق صفحة محركات الاحتراق تمامًا، وتضع مستقبلها بالكامل في سلة السيارات الكهربائية، على منصة مخصصة لهذا الغرض فقط.
السيارة مزوّدة بنظام تعليق هوائي متكيف مع مخمدات ثنائية الصمام على غرار رينج روفر، إضافة إلى توجيه خلفي بزاوية تصل إلى 6 درجات لعكس اتجاه العجلات الأمامية، ما يحسّن المناورة رغم قاعدة العجلات الضخمة. ووفق تقارير صحفية، وصلت بعض النماذج التجريبية إلى 257 كم/س في صمت شبه تام بفضل أنظمة إلغاء الضجيج، وهي تجربة تُجسّد فلسفة “السرعة الهادئة” الجديدة.
بُني أكثر من 150 نموذجًا أوليًا، وثُبّت التصميم النهائي، وتخضع السيارات الآن لاختبارات قاسية حول العالم. ومن المتوقع أن يبدأ السعر من 120 ألف دولار، مع فتح باب الطلبات صيف العام المقبل، بينما لن تبدأ التسليمات قبل 2027. هذه الاستراتيجية تعني شيئًا واحدًا: جاكوار لم تعد تسعى إلى حجم مبيعات كبير، بل إلى هوامش ربح أعلى وصورة نخبوية جديدة.
تعترف جاكوار بأن 85% من المشترين المحتملين سيكونون عملاء جدد، وهو ما يعني التضحية بقاعدة العملاء التقليدية. الأرقام الحالية لا تُطمئن؛ فالمبيعات تراجعت بشدة خلال السنوات الأخيرة، والانخفاض الحاد في التسجيلات الأوروبية خلال 2025 يعكس حجم التحدي.
قوة تتجاوز 1000 حصان قد لا تكون العامل الحاسم في نجاح جاكوار الجديدة. فالرهان الحقيقي يكمن في الهوية، التصميم، والتجربة الفاخرة الشاملة. إنها خطوة جريئة قد تعيد جاكوار إلى دائرة الضوء، أو تُثقل كاهلها بمخاطرة كبيرة في سوق كهربائي شديد التنافس.