يبدو أن العلاقة بين ريماك وبورشه، التي وُصفت قبل أربع سنوات بأنها شراكة ثورية في عالم السيارات الفائقة، قد وصلت إلى مرحلة جديدة من التطور وربما التوتر.
فوفقًا لتصريحات المدير التنفيذي ماتِه ريماك لأحد المواقع الصحفية، فإن الشركة الكرواتية تسعى الآن إلى الاستحواذ الكامل على بوغاتي من خلال شراء حصة بورشه البالغة 45%.
في عام 2021، أُعلنت شراكة تاريخية جمعت بين ريماك المتخصصة في السيارات الكهربائية الفائقة وبورشه ذات الإرث العريق، لتشكيل شركة بوغاتي ريماك التي دمجت الخبرة الألمانية في الفخامة مع الابتكار الكرواتي في الأداء الكهربائي.
لكن يبدو أن ماتِه ريماك بدأ يشعر بأن البيروقراطية داخل الشراكة تُقيد قراراته الاستراتيجية. وقد صرّح بوضوح قائلاً:"أريد فقط أن أكون قادرًا على اتخاذ قرارات طويلة المدى، والاستثمار بحرية، دون الحاجة إلى شرح كل خطوة لعشرات الأشخاص."
هذا التصريح يعكس رغبته في الاستقلال الكامل بالقرارات المستقبلية، خصوصًا في ظل تسارع المنافسة في عالم الهايبركار الكهربائية.
بحسب تقارير Bloomberg وAutomotive News، قدّمت ريماك عرضًا رسميًا لبورشه في أبريل الماضي بقيمة مليار يورو (حوالي 1.2 مليار دولار) مقابل حصتها في شركة بوغاتي ريماك.
ويؤكد ماتِه أن لديه بالفعل الداعمين الماليين اللازمين لإتمام الصفقة، وأن المفاوضات تسير في مسار جاد رغم تعقيداتها.
ومع أن الاستحواذ الكامل سيجعل ريماك جروب المالك الرئيسي للشركة، إلا أن تأثير بورشه لن يختفي تمامًا، إذ ما تزال تمتلك 22% من مجموعة ريماك الأم، إلى جانب مستثمرين آخرين مثل هيونداي موتور جروب (11%)، ومجموعة من المستثمرين المستقلين بنسبة 32%.
منذ تأسيسها في 2009، أثبتت ريماك أنها أكثر من مجرد شركة ناشئة، حيث أبهرت العالم بسيارتها الكهربائية Concept_One، ثم أطلقت الهايبركار نيفيرا عام 2022، التي تعد واحدة من أسرع السيارات الكهربائية على الإطلاق.
أما بوغاتي، فقد اشتهرت بمحركات W16 الأسطورية في طرازات مثل شيرون وفيرون.
في حال نجح الاستحواذ، يتوقع الخبراء أن تشهد بوغاتي تحولًا جذريًا نحو الدمج الكامل بين الأداء الكهربائي والابتكار الحرفي الفاخر، لتصبح علامة “هايبرد كهربائية” راقية تجمع بين الماضي المجيد والمستقبل الذكي.
من جهة أخرى، تمر بورشه بمرحلة مراجعة داخلية معقدة. فقد حذّر الرئيس التنفيذي أوليفر بلوم (Oliver Blume) الموظفين من أن نموذج أعمال الشركة التقليدي لم يعد مستدامًا في صورته الحالية، خاصة في ظل المنافسة الشرسة في السوق الصينية وتراجع الإقبال على السيارات الكهربائية هناك. هذه الضغوط قد تجعل بورشه أكثر استعدادًا للتخلي عن بعض استثماراتها لتقوية مراكزها الأساسية.
استحواذ ريماك الكامل على بوغاتي لن يكون مجرد صفقة مالية، بل تحوّل استراتيجي في خريطة السيارات الفائقة.
فهو يمثل انتقال القيادة من مدرسة "الميكانيكا الألمانية التقليدية" إلى عصر الطاقة الكهربائية الذكية بقيادة شاب كرواتي لا يعرف المستحيل. إنها لحظة فارقة قد تعيد تعريف مفهوم الهايبركار كما نعرفه اليوم.