يشهد عالم السيارات تحولاً لافتاً في السنوات الأخيرة، وباتت الرحلات البرية أحد أبرز الاتجاهات التي لا تكتفي بالنمو، بل تشهد تطوراً عميقاً يعيد تشكل مفهوم الهروب من صخب الحياة اليومية. ففكرة أن تكون مركبتك “كبسولة هروب” لا تعني مجرد التجوّل في الطرق الوعرة أو قضاء ليلة تحت سماء مليئة بالنجوم، بل أصبحت أسلوب حياة يجمع بين المغامرة، الاستكشاف، والبساطة.
شهدت الرحلات البرية طفرة ضخمة في شعبيتها خلال السنوات الماضية، لا سيما بعد جائحة كورونا التي عمّقت رغبة الناس في الابتعاد عن الازدحام والاقتراب من الطبيعة. فأصبح الهروب إلى الصحراء، الغابات، والجبال وسيلة لإعادة ضبط الإيقاع النفسي.
لكن رغم هذا النمو، يتساءل البعض: هل هي مجرد “موضة” بين عشاق السيارات؟ الحقيقة أن الأدلة تشير إلى أكثر من ذلك: الرحلات البرية تتطور، ولا تكتفي بالانتشار.
لم تعد المغامرات البرية مقتصرة على تجهيزات ما بعد شراء السيارة. فشركات السيارات الكبرى بدأت تقدم طرازات مصممة خصيصاً لهذا النمط.
فتويوتا مثلاً قدّمت إصدار تريل هانتر المخصص بشكل مباشرة لعشاق المغامرة، مع تجهيزات تشمل:
أما سوبارو فتبهر السوق بطرح مجموعة ويلدرنس التي تعطي مستخدميها معلومات دقيقة عن قدرة تحمّل رفوف السقف، مع حماية إضافية حول الأجنحة لمقاومة خدوش الطرق الوعرة.
حتى مرسيدس بنز دخلت المنافسة بقوة عبر شاحنات سبرينتر التي أصبحت منصة مثالية لعشاق حياة الفان ، بفضل مرونتها واعتماديتها وسهولة تحويلها إلى منزل متنقل.
يتوسع سوق الأدوات المخصّصة للرحلات البرية بشكل هائل: كهرباء متنقلة، ألواح شمسية، مبردات تعمل بالبطارية، مراتب نوم فائقة الراحة، كلها أمور تعزز تجربة التخييم بعيداً عن الطرق المعبدة.
وتشير بيانات Overland Expo إلى حضور أكثر من 28 ألف شخص في أحد معارضها في أريزونا، مع 400 عارض و300 ورشة تدريبية، و41% من الحضور لأول مرة، وهي أرقام تكشف مدى الانتشار المتسارع.
ورغم التجهيزات الضخمة، يذكّرنا المغامر والمخرج سينوهي كزافييه بحقيقة مهمة: “الرحلات البرية مجرد تخييم بالسيارة، لكن مع دعاية أفضل.”
ويضيف: “الجمال الحقيقي هو في اللحظة، في صوت الإطارات على التراب، وفي الطريق الذي يقودك إلى مكان أكثر هدوءاً مما غادرته.”
هذا التحول يعكس جوهر المرحلة الجديدة: التركيز على المعرفة بدلاً من المعدات، على البساطة بدلاً من التكلف.
من يتعمق في هذا العالم يدرك أن تعلم مهارات القيادة على الطرق الوعرة، والإسعافات، واستعادة السيارة، وفهم الطقس والتضاريس أهم من امتلاك أحدث قطعة معدات.