في عالم تزداد فيه هيمنة التكنولوجيا، لم تعد الهواتف والحواسيب فقط هي الأجهزة التي تراقب أصحابها. اليوم، دخلت السيارات بقوة إلى هذا المجال، وأصبحت أشبه بأجهزة كمبيوتر متنقلة مزودة بقدرات جمع بيانات تفوق ما يتوقعه الكثيرون.
فمنذ أن تساءلت أبل في إعلانها عام 2017: "ما هو الكمبيوتر؟"، بدا السؤال ترفيهيًا، لكنه أصبح الآن أكثر قربًا من واقع كل سائق، بعدما تحولت السيارات الحديثة إلى منظومات رقمية متصلة بالشبكات، تحفظ وتشارك كميات هائلة من بيانات السائقين.
فقد لا تحتوي السيارات على لوحة مفاتيح وفأرة، لكنها اليوم تمتلك:
والأهم: قدرة واسعة على جمع وتحليل بيانات السائقين وسلوكهم، ثم إرسالها مباشرة إلى الشركات المصنّعة.
صرّح ستيفان دوراخ، نائب رئيس تطوير الواجهة في بي إم دبليو، بأن الشركة تمتلك بيانات من أكثر من 10 ملايين مركبة، تُستخدم لفهم كيفية تفاعل العملاء مع أنظمة المعلومات والترفيه.
قد يبدو ذلك غير مقلق من الظاهر، لكنه يفتح بابًا واسعًا للشكوك حول:
قبل عامين فقط، كشفت مؤسسة Mozilla أن معظم شركات السيارات تجمع بيانات حساسة بدرجة تتخطى الهواتف الذكية نفسها، ما جعل قراءة سياسات الخصوصية الخاصة بهذه الشركات أشبه بقراءة رواية ديستوبية بطلها هو أنت.
وفقًا لوثائق الخصوصية لشركات مثل فورد، بي إم دبليو وهيونداي، فإن السيارات الحديثة قد تجمع:
حتى إذا عطّلت خاصية تتبّع الموقع، تقول فورد إن بإمكانها الاستمرار بجمع موقع السيارة لحماية مصالحها، مثل استرجاع المركبة عند التخلف عن السداد.
ولا ننسى براءة الاختراع الشهيرة التي أظهرت اهتمامًا من فورد بتطوير سيارة تعيد نفسها للشركة تلقائيًا في حال عدم الدفع!
تجمع هيونداي، عبر نظام Bluelink:
أما بي إم دبليو فتحلل بيانات الاستخدام لتحديد:
وهذا يفتح الباب لاقتصاد جديد: “الدفع مقابل تشغيل ميزات كانت مجانية سابقًا”.
بفضل الكاميرات والرادارات والمستشعرات المنتشرة في كل زاوية من السيارة، يمكن للسيارة الحديثة التقاط:
جمع هذه البيانات قد يصل إلى مئات الجيجابايت يوميًا، دون علم السائق.
السيارات اليوم لم تعد مجرد وسيلة نقل، بل أصبحت أكثر شخصية وحميمية من هواتفنا، وتعرف عنا ما لم نكن نتوقعه.
والأخطر من ذلك أنها بدأت تتحول إلى منصات مراقبة متصلة قادرة على تكوين صورة كاملة عن سلوك السائقين وحياتهم اليومية.
فالسؤال لم يعد: "هل سيارتك تجمع بيانات عنك؟" بل أصبح: "متى، كيف، ولمن ترسل هذه البيانات؟"
وفي ظل غياب قوانين صارمة لحماية خصوصية السائقين، قد تصبح السيارة، أخطر جهاز مراقبة نمتلكه دون أن ندري.