يُعد غوردون موراي أحد أبرز العقول المبدعة في عالم تصميم السيارات، وهو الرجل الذي يقف وراء أيقونات هندسية مثل ماكلارين F1 وابتكارات شركته الخاصة Gordon Murray Automotive (GMA). ورغم بلوغه الثمانين عامًا تقريبًا، فإن شغفه بالعمل والإبداع لم يتوقف حتى في أحلك لحظات حياته، حيث واجه تجربة صحية قاسية مع سرطان المريء في عام 2024.
خلال فحص روتيني بالمنظار الطبي، اكتشف الأطباء إصابة موراي بسرطان المريء. وقد بدأ على الفور مرحلة العلاج الكيميائي، حيث أشار بنفسه إلى أن الطبيب المختص أمضى ساعة كاملة مع زوجته وهو يشرح الآثار الجانبية المحتملة. وبالفعل، واجه موراي جميع تلك الأعراض المرهقة التي ترافق العلاج الكيميائي، لكنه لم يسمح لها بأن توقف مسيرته.
وفي يوليو 2024، خضع لعملية جراحية دقيقة بالمنظار (keyhole surgery) تكللت بالنجاح، ما فتح أمامه بابًا جديدًا للاستمرار في شغفه الهندسي.
خلال فترة العلاج، لم يبتعد موراي عن طاولة الرسم ولا عن فريق عمله في GMA. بل استمر في تطوير أحدث سياراته الفائقة S1 LM، وهي نسخة خاصة مستوحاة من إنجازاته في سباقات لومان عبر سيارة ماكلارين F1 GTR.
وأوضح فيل لي (Phil Lee)، الرئيس التنفيذي لشركة GMA، أن العمل على مشروع S1 LM كان بمثابة قوة دافعة لموراي خلال تلك المرحلة الصعبة. حيث قال:
"يمكنني أن أؤكد أن هذا المشروع هو ما ساعده فعليًا على اجتياز العلاج. لقد كان مركزًا للغاية، يعمل ساعات طويلة إلى جانب العميل الذي طلب السيارة، ويحافظ على طاقته الذهنية رغم متاعب العلاج الكيميائي."
تستند سيارة S1 LM إلى قاعدة طراز GMA T.50، وتم تطويرها ضمن قسم Gordon Murray Special Vehicles، وهو القسم المخصص للإصدارات المحدودة والتصميمات الخاصة بطلب العملاء. وقد جرى الكشف عنها في أسبوع مونتيري للسيارات إلى جانب طراز لو مان GTR، لتؤكد أن مسيرة موراي الإبداعية لا تعرف التوقف.
ويؤكد فيل لي أن لدى الشركة العديد من المشاريع المستقبلية قيد التطوير، وهو ما يعكس حقيقة أن موراي، رغم مرضه وتقدمه في العمر، ما زال مصممًا على الابتكار وتوسيع إرثه في عالم السيارات الرياضية الخارقة.
إن قصة غوردون موراي ليست مجرد سيرة لمصمم عبقري، بل هي مثال ملهم على قوة الشغف ودور الإبداع في التغلب على التحديات الصحية والنفسية. فقد كان تصميم السوبركار بالنسبة له أكثر من مجرد مهنة، بل علاجًا ودافعًا للحياة. وبفضل هذا العزيمة، سيظل اسمه محفورًا في تاريخ السيارات كرمز للتفوق والإصرار.
ما فعله غوردون موراي يثبت أن الشغف يمكن أن يتحول إلى سلاح نفسي قوي في مواجهة المرض، وأن الإبداع ليس رفاهية بل حاجة وجودية تمنح الإنسان دافعًا للاستمرار مهما كانت الظروف.