في خطوة استراتيجية تعكس عمق التحديات التي تواجهها بورشه في المرحلة الحالية، أعلنت الشركة الألمانية رسميًا عن استبدال الرئيس التنفيذي أوليفر بلوم، وبدء المفاوضات بشأن إنهاء مهامه بالاتفاق المتبادل.
ويأتي القرار بعد شهور من الضغوط الداخلية وتنامي القلق بين المستثمرين حول أداء الشركة وتراجع هوامش أرباحها في ظل التحول الصعب نحو السيارات الكهربائية.
اختارت بورشه شخصية مألوفة لقيادة المرحلة المقبلة: مايكل لايترز (Michael Leiters)، الرئيس التنفيذي السابق لشركة ماكلارين أوتوموتيف، وأحد أبناء بورشه السابقين الذين ساهموا في نجاحها خلال العقد الأول من الألفية الجديدة.
يمتلك لايترز خبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا في مجال صناعة السيارات الفاخرة والأداء العالي، بينها 13 عامًا قضاها في بورشه (من عام 2000 حتى 2013)، شغل خلالها مناصب قيادية في قسم تطوير المنتجات.
خلال تلك الفترة، لعب دورًا محوريًا في تطوير طراز بورشه كايين، السيارة التي غيرت مسار العلامة الألمانية جذريًا بتحقيقها مبيعات قياسية ومساهمتها في نقل بورشه من شركة متخصصة في السيارات الرياضية إلى صانع فاخر متكامل.
بعد مغادرته بورشه عام 2013، انضم مايكل لايترز إلى شركة فيراري بمنصب الرئيس التنفيذي للتقنيات (Chief Technology Officer) حيث قاد تطوير عدد من الطرازات الأسطورية، وأسهم في ترسيخ مكانة فيراري التقنية عبر تعزيز أداء المحركات الهجينة عالية الكفاءة.
وفي عام 2022، تولى قيادة شركة ماكلارين البريطانية في فترة صعبة، ونجح في إعادة تنشيط العلامة عبر إطلاق طرازات مهمة مثل 750S وArtura الهجينة، التي مثّلت بداية التحول الكهربائي لماكلارين.
اليوم، يعود لايترز إلى بورشه ومعه مزيج من الخبرة التقنية والقيادية العالمية التي تجعل مجلس الإشراف في الشركة يعتبره "الرجل المناسب في الوقت المناسب".
تأتي هذه التغييرات في وقت تواجه فيه بورشه تحديات متشابكة على أكثر من صعيد:
ومع تراجع هامش التشغيل المتوقع إلى نحو 2٪ فقط لعام 2025، بدأ المستثمرون يشككون في قدرة الإدارة السابقة على مواجهة التقلبات الاقتصادية والتكنولوجية بسرعة كافية.
لطالما كان الجمع بين رئاسة بورشه وفولكس فاجن في يد أوليفر بلوم موضع انتقاد من المستثمرين الذين رأوا أن ازدواج المناصب تسبب في تشتت استراتيجي وإبطاء عملية اتخاذ القرار داخل بورشه.
ومع انتقال القيادة إلى مايكل لايترز، ستعود بورشه إلى قيادة مستقلة تركز على تطوير منتجاتها وتوسيع حضورها في الأسواق الأساسية.
وفي حال إتمام الاتفاق النهائي، سيواصل أوليفر بلوم مهامه في فولكس فاجن جروب فقط، بينما يتولى لايترز قيادة بورشه نحو فصل جديد يهدف إلى استعادة روح الابتكار والأداء التي اشتهرت بها الشركة منذ تأسيسها.
هذا ويعوّل مجلس الإدارة على مايكل لايترز لإعادة التوازن إلى إستراتيجية بورشه العالمية، خصوصًا في ظل المنافسة القوية من تسلا وبي إم دبليو ومرسيدس في سوق السيارات الكهربائية الفاخرة.
ويرى المحللون أن قيادته قد تمثل نقطة تحول حقيقية، تعيد بورشه إلى موقعها كواحدة من أكثر العلامات ربحية واستقرارًا في قطاع السيارات الراقية.