شهد عالم السيارات ثورة حقيقية في تقنيات السلامة، بدأت بمفاهيم بسيطة لحماية الركاب ووصلت اليوم إلى أنظمة ذكية قادرة على منع الحوادث قبل وقوعها. ومع تطور الصناعة، أصبحت السلامة معيارًا أساسيًا لا يمكن التنازل عنه، فكل تقنية جديدة ظهرت كان هدفها تقليل الإصابات وحماية الأرواح ورفع جودة القيادة على الطرق. وفيما يلي أبرز تقنيات السلامة التي أثرت بشكل جذري في طريقة القيادة حول العالم.
تُعدّ مناطق الاصطدام Crumple Zones واحدة من أهم ابتكارات السلامة التي غيّرت قواعد تصميم السيارات. فقد ظهرت لأول مرة عام 1937 على يد مهندس مرسيدس بنز بيلا باريني، وهي مناطق مخصصة في مقدمة ومؤخرة السيارة تُصمَّم لتتفتت تدريجيًا عند الاصطدام، ما يساعد على امتصاص الطاقة وتخفيف قوة الارتطام قبل وصولها إلى المقصورة.
هذا المفهوم البسيط أنقذ ملايين الأرواح وأصبح معيارًا هندسيًا لا يمكن لأي شركة تجاهله.
قدمت أقراص المكابح Disc Brakes نقلة نوعية في قدرة السيارات على التوقف بشكل سريع ومستقر، خاصة عند القيادة في ظروف قاسية أو على سرعات عالية. وقد ظهرت على نطاق واسع لأول مرة في سيارة سيتروين DS عام 1955، وقدمت أداءً يفوق بكثير الفرامل التقليدية من نوع Drum.
واليوم، أصبحت الفرامل القرصية المزودة بأنظمة ABS وEBD جزءًا أساسيًا من أي سيارة حديثة.
رغم أن جنرال موتورز أجرت بعض التجارب المبكرة، فإن مرسيدس بنز كانت أول من اعتمد نهجًا علميًا شاملًا في اختبارات التصادم عام 1959. هذه الاختبارات ساعدت الشركات في فهم كيفية انهيار الهيكل، وكيفية حماية الركاب، ومنحت المستهلكين تقييمات موثوقة تحدد مستوى أمان السيارة.
لذا، فإن اختبارات Euro NCAP وIIHS اليوم هي الضامن الأول لجودة السلامة في أي سيارة جديدة.
في عام 1959، قدمت فولفو أكثر اختراع إنساني في تاريخ السيارات: حزام الأمان ثلاثي النقاط. والذي صمّمه المهندس نيلس بولين ليؤمّن الجسم العلوي والسفلي معًا، ما قلل فرص الوفاة بنسب ضخمة.
الأهم أن فولفو تنازلت عن حقوق براءة الاختراع كي يستفيد منه الجميع، مما جعله أكثر تقنيات السلامة تأثيرًا في العالم.
أطلقت فولفو في 1972 أول Rear-Facing Child Seat، وهو تصميم مستوحى من مقاعد رواد الفضاء لتوزيع قوة الصدمة على ظهر الطفل بدلًا من رقبته. هذا المفهوم أصبح معيار السلامة العالمي لنقل الأطفال، خاصة لمن هم دون سن الأربع سنوات.
من مناطق الإصطدام إلى أنظمة الرادار والكاميرات والسيارات ذاتية القيادة، أثبتت تقنيات السلامة أنها العامل الأول الذي يحدد مستقبل صناعة السيارات. ومع التطور المتسارع، سنرى تقنيات أكثر ذكاءً تراقب الطريق، وتحمي السائق، بل وتتدخل تلقائيًا لإنقاذ الأرواح.