يُعتقد أن سيارة جالاواي هي إحدى أولى المرات في التاريخ التي يتم فيها تصنيع سيارة مع وضع النساء في الاعتبار على وجه التحديد. وقد قامت المهندسة دوروثي بولينجر ومساعديها بذلك في وقت كان فيه عالم الهندسة حكراً على الرجال. دوروثي التي تم إدخالها في قائمة "مشاهير الهندسة الاسكتلندية" في العام 2012 اعترافًا بمساهمتها الهندسية المؤثرة في عالم صناعة السيارات. لذا، في السطور القادمة سنتعرف على دوروثي بولينجر وقصة كفاحها.
ولدت دوروثي في فرنسا في يناير 1894. كان والدها مصمم السيارات توماس بولينجر. من بعدها انتقلت العائلة إلى المملكة المتحدة وتلقت دوروثي تعليمها في لوبورو. وبحلول عام 1910، كانت دوروثي بولينجر حريصة على اتباع خطى والدها وبدأت العمل كرسامة في أعمال بيزلي التابعة لشركة أرول جونستون، وهي شركة تصنيع سيارات حيث عمل والدها مديرًا.
وفي تصريح له، قال ابنها لويس البالغ من العمر 84 عامًا، متحدثًا إلى بي بي سي اسكتلندا من منزله في غيرنسي في عام 2016: "الحياة تمثل تحديًا ويجب عليك المضي قدمًا، أنت تتبع الأشياء التي تؤمن بها. وفي مقتبل عمر دوروثي، لم يكن معتادًا أن نرى النساء في مجال الهندسة، بل كن في المنزل يقمن بالطهي والأعمال المنزلية. ولكنها أرادت أن تسير على خطى والدها."
كذلك أضافت ابنة دوروثي، إيفيت لو كوفي، إن والدتها أمضت وقتًا طويلاً في إقناع توماس بولينجر بالسماح لها بالعمل في مجاله.
وفي العام 1914، تقدمت دوروثي بطلب للانضمام إلى معهد مهندسي السيارات. وقد تم رفضها على أساس أن "كلمة شخص في طلب التقديم تعني رجلاً وليس امرأة".
ولكن أعطتها الحرب العالمية الأولى فرصة. حيث تم تعيين دوروثي مسؤولة عن العاملات في قسم الذخائر في بارو إن فورنيس في كمبريا بالمملكة المتحدة، لإنتاج القنابل للخط الأمامي. وفي نهاية المطاف، أصبحت مسؤولة عن ما يقدر بنحو 7000 عامل.
وبعد الصراع والعقبات التي واجهتها، تم قبولها أخيرًا في مؤسسة مهندسي السيارات كأول عضوة فيها وحصلت على وسام الإمبراطورية البريطانية لتميزها في مجالها أثناء الحرب. وبحلول عشرينيات القرن الماضي، عادت دوروثي إلى اسكتلندا، حيث أصبحت مديرة شركة جالاواي للسيارات، وهي شركة تابعة لشركة Arrol-Johnston. وجدير بالذكر أنه قد تم بناء المصنع في الأصل أثناء الحرب لتصنيع قطع غيار الطائرات، لكن دوروثي أقنعت والدها بإبقائه مفتوحًا كمصنع للسيارات وتوفير فرص العمل للعديد من النساء المحليات.
في شركة جالاواي باسكتلندا، تمكنت دوروثي من إنتاج سيارة جالاواي، مع تأثر التصميمات بوالدها وبطراز فيات 501. وقد تم وصف سيارة جالاواي بواسطة Light Car and Cycle في عام 1921 بأنها "سيارة صنعتها السيدات للسيدات".
وعنها تقول الدكتورة نينا بيكر، مستشارة في غلاسكو ومتحمسة للهندسة: "لكي تفهم الاختلافات، عليك أن تضع في ذهنك إحدى السيارات الكبيرة الثقيلة في أوائل القرن العشرين، والتي قد تم تصميمها مع أخذ الرجال في الاعتبار، فإذا جلست امرأة في واحدة منها، فمن الصعب أن تصل إلى أي شيء." واكملت: "في تلك الأيام، كان ذراع ناقل الحركة وذراع الفرامل موجودين على الجزء الخارجي من السيارة، وهو ما كان مصدر إزعاج حقيقي للسيدات اللاتي يرغب في القيادة."
وعلى عكس ذلك فإن سيارة جالاواي كانت أخف وزنًا وأصغر حجمًا. فقد تم وضع التروس في المنتصف، وكان المحرك أكثر موثوقية، وتم رفع المقعد، وتمت إضافة مساحة تخزين، وتم خفض لوحة القيادة، وكانت عجلة القيادة أصغر، كل ذلك مع وضع السيدات في الاعتبار. كذلك كانت السيارة أيضًا واحدة من أولى السيارات التي قدمت مرآة الرؤية الخلفية بشكل قياسي.
بإصرارها وعزيمتها وتحديها للعقبات والتحديات التي منعت نظيراتها من التوغل في مجال كان يُعتقد أنه حكرًا على الرجال، كان لدوروثي بولينجر كبير الأثر في المساهمة في جعل قيادة المرأة أكثر ملائمة ويسرًا، كما دعمت العديد من الأيدي العاملة النسائية في زمنها، وهو ما كان بيانًا على أن السيدات يمكنهن المشاركة في عالم الصناعة وترك بصمات لا تمحى فيه بمرور الزمن.