في التسعينيات، كانت سوبارو مختلفة تماماً عما هي عليه اليوم. رغم نهجها المحافظ حالياً، إلا أن الشركة اليابانية خاضت مغامرات هندسية جريئة في الماضي، أبرزها محركها الفريد: محرك بوكسر رباعي الأسطوانات مزود بنظام تيربو مزدوج تسلسلي, وهو النظام الوحيد من نوعه في محركات البنزين الأربع أسطوانات.
هذا المحرك ظهر لأول مرة عام 1993 على طراز ليجاسي الجيل الثاني. وعلى غرار ما فعلته بورشه 959 وتويوتا سوبرا (2JZ-GTE) ومازدا RX-7 (13B-REW)، اعتمدت سوبارو التيربو التسلسلي لتحقيق استجابة أسرع عند السرعات المنخفضة مع قوة أكبر في السرعات العالية. والفكرة تقوم على استخدام تيربو صغير يعمل من سرعة دوران منخفضة حتى 3,500 أو 4,500 دورة في الدقيقة، ثم يبدأ التيربو الثاني الأكبر بالعمل تدريجياً لتعزيز الأداء العالي.
لكن سوبارو اختارت طريقاً خاصاً: حيث استخدمت شاحنين توربينيين من نفس الحجم تقريباً، يتحكّم بهما نظام معقد من صمامات التفريغ والمفاتيح الكهربائية، ليوفر الأداء المطلوب حسب سرعة المحرك. ومع كل هذا التعقيد، تمكّن المحرك من إنتاج 246 حصانًا في نسخته الأولى، وتطوّر لاحقًا إلى نسخ أقوى تصل إلى 276 حصانًا.
رغم الابتكار، عانى هذا النظام من مشكلة كبيرة، وهي انخفاض الضغط المفاجئ عند الانتقال من التيربو الأول إلى الثاني، وهو ما أطلق عليه عشاق سوبارو لقب "وادي الموت"، خاصة بين 4,000 و4,500 دورة. وقد سجّلت مراجعة لمجلة أوتوسبيد الأسترالية انخفاضًا في ضغط التيربو بلغ 4.4 psi، مما أثر سلبًا على التسارع والقيادة السلسة.
ورغم تعقيد التقنية، حافظ محرك سوبارو المزدوج على شعبية واسعة في اليابان، حيث بيعت ليجاسي B4 كأشهر سيارة سيدان رياضية آنذاك. ومع ذلك، عند التفكير في تصديرها إلى السوق الأمريكي، قررت سوبارو التخلي عن هذه الفكرة واختارت محركًا واحدًا بسعة 2.5 لتر مع تيربو منفرد، وذلك لعدم توافق نظام التيربو المزدوج مع السيارات ذات المقود الأيسر.
ومع إصدار الجيل الرابع من ليغاسي عام 2004، توقفت سوبارو عن إنتاج هذا المحرك. وبدلاً منه، استخدمت تيربو أحادي بفتحتين (Twin-scroll turbo)، لتقليل تعقيد النظام وتحسين استجابة التيربو عند السرعات المنخفضة.
اليوم، يُنظر إلى هذا المحرك كواحد من أغرب الابتكارات الهندسية اليابانية، لكنه يعكس مرحلة مختلفة تمامًا من تاريخ صناعة السيارات: مرحلة كان فيها الطموح التقني لا يواجه أي قيود مالية أو منطقية. فلماذا لم تعتمد سوبارو التيربو المزدوج الموازي مثل بورشه؟ ربما لأنه لم يكن "جنونيًا" بما يكفي لروح التسعينيات!
وفي نهاية المطاف، فشل هذا النظام في توفير القوة السلسة والمتواصلة، وهو السبب الذي يدفع اليوم جميع المُعدّلين إلى استبداله بتيربو واحد أكثر موثوقية. ومع ذلك، يظلّ إرث سوبارو التكنولوجي شاهداً على زمن كان فيه الجنون أفضل من العقلانية، إلا إن كنت الشخص الذي سيصلح الأعطال!