إذا كنت تمتلك سيارة حديثة، فمن المحتمل أنك شاهدت من قبل مؤشر عُمر الزيت أو Oil Life Indicator، وربما لاحظت أنه يعرض نسبة مئوية دقيقة تُخبرك بمدى صلاحية الزيت المتبقي في المحرك. قد تعتقد أن هذه النسبة مجرد تقدير تقريبي، لكن الحقيقة أنها أكثر دقة مما تظن ولا تعتمد فقط على عدد الكيلومترات المقطوعة.
في الواقع، يعود الفضل في تطوير أول نظام ذكي لمراقبة عمر الزيت إلى ثلاثة مهندسين من جنرال موتورز في ثمانينيات القرن الماضي: دونالد سمولينسكي، بول هارڤاث، وشيرلي شوارتز. حيث استخدم الفريق بيانات من نظام OnStar المدمج بالسيارة، مثل عدد دورات التشغيل، تنشيط الحاقنات، ودرجة حرارة الماء، لصياغة خوارزمية تسمح لوحدة التحكم الإلكترونية ECU بالتنبؤ بدقة بنسبة تآكل الزيت.
الخوارزمية ليست بسيطة كما يعتقد البعض؛ فهي تأخذ بعين الاعتبار دورات التسخين والتبريد، ما يجعلها قادرة على التفرقة بين الرحلات القصيرة والطويلة. بل وتقوم بتحليل درجات حرارة الزيت بدقة لتقدير مدى تأثره بالأكسدة، والتي تُعد من أهم أسباب تدهور جودة الزيت بمرور الوقت.
وباستخدام هذه العوامل، تمنحك الخوارزمية نسبة مئوية تعكس مدى صلاحية الزيت المتبقي. وعلى غرار ضوء الوقود الذي يضيء قبل أن ينفد البنزين فعليًا، فإن مؤشر عمر الزيت لا يعني أن الزيت فسد، بل أن وقته قد اقترب. كما تنصحك هذه الأنظمة بتغيير الزيت مرة واحدة سنويًا على الأقل، حتى لو لم تقطع سوى مسافة قصيرة خلال العام.
في تجربة حقيقية، قام ليك سبيد جونيور من قناة The Motor Oil Geek على يوتيوب بأخذ عينة زيت من محرك سيارة كاديلاك وفحصها للتحقق من مدى دقة النظام. المفاجأة كانت أن النظام كان دقيقًا إلى حد ما، إذ وُجد أن الزيت لا يزال يحتفظ بجزء من فعاليته، رغم أن النظام كان قد أوصى بتغييره.
هذا يُشبه تمامًا تحذير انخفاض الوقود؛ إنه تنبيه احترازي وليس إعلانًا عن فساد الزيت. فالفكرة ليست انتظار تلف الزيت بالكامل، بل استبداله قبل أن يؤثر على أداء المحرك.
نظام مراقبة عمر الزيت هو أحد أذكى الأنظمة التي قد لا يوليها السائقون اهتمامًا كافيًا. فهو يعتمد على خوارزمية علمية تأخذ في الحسبان عوامل معقدة، وليس مجرد عدّاد كيلومترات. لذا ننصح دائمًا بالاعتماد عليه – لكن بحذر – مع إجراء تغيير الزيت السنوي حتى لو لم تتغير النسبة.