تخيل لو أن كل شركة سيارات استخدمت معيارًا مختلفًا لقياس تسارع السيارة، كأن تستخدم واحدة 0-100 كم/س، وأخرى 0-200 كم/س، وأخرى رقمًا عشوائيًا، ما سيجعل من المستحيل مقارنة الأداء الحقيقي بين الطرازات. هذا بالضبط ما يحدث حاليًا في عالم تقنيات القيادة الذاتية، لكن الصين قررت أن تتدخّل لوضع حد لهذه الفوضى.
أعلنت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية (MIIT) عن مجموعة من اللوائح الجديدة التي تنظّم بيع وإعلانات تقنيات مساعدة السائق، وتقيد استخدام مصطلحات شائعة مثل "القيادة الذكية"، "القيادة الذاتية"، و"القيادة المؤتمتة"، والتي تستخدم عادةً في الترويج لأنظمة مساعدة السائق المتقدمة (ADAS).
وبدلًا من ذلك، تُلزم اللوائح الجديدة الشركات باستخدام تصنيفات SAE الرسمية (من المستوى 0 إلى 5) لتحديد دقيق لمستوى الأتمتة. فعلى سبيل المثال، المستوى 0 يعني عدم وجود أي نوع من المساعدة، والمستوى 5 يشير إلى سيارة مستقلة بالكامل لا تحتاج إلى تدخل بشري. وفي الوقت الحالي، أغلب التقنيات المتوفرة في السوق مثل "القيادة الذاتية الكاملة" من تسلا لا تتجاوز المستوى 2، باستثناء نظام "Drive Pilot" من مرسيدس-بنز الذي يبلغ المستوى 3.
وبالرغم من أن الكثير من متابعي السيارات يعرفون هذه التصنيفات، فإن معظم المستهلكين لا يدركونها، ويبدو أن الشركات لا تبذل جهدًا كبيرًا لتوعيتهم بها عبر الإعلانات.
تأتي هذه القرارات بعد أسابيع من حادث مأساوي في الصين أودى بحياة 3 أشخاص، حين اصطدمت سيارة شاومي SU7 بعمود بسرعة 96 كم/س بعد ثوانٍ من استعادة السائق التحكم من النظام شبه الذاتي. كما تأتي هذه الإجراءات في وقت يتوسع فيه سوق السيارات الصيني بقوة في مجال أنظمة القيادة الذكية ويستخدمها بشكل مكثف للترويج للمبيعات.
ومن ضمن التعديلات الكبرى التي كشفت عنها MIIT أيضًا:
والسؤال المطروح الآن: هل على الدول الغربية أن تعتمد نهجًا مشابهًا لما تفعله الصين؟ البعض قد يرى أن الصين تبالغ في الاحتياط، بينما يعتبر آخرون أنها تتخذ خطوات منطقية لحماية الأرواح وتنظيم سوق متسارع النمو. في رأينا، هذه القواعد قد تبدو صارمة لكنها تسير في الاتجاه الصحيح، خاصةً مع افتقار المستهلكين للمعرفة التقنية الكافية، وهي خطوة قد تؤدي على المدى الطويل إلى تقنيات قيادة ذاتية أكثر أمانًا ونضجًا.