مع تسارع التحوّل نحو مستقبل كهربائي للسيارات، يزداد الجدل حول مدى أمان هذه المركبات مقارنة بنظيراتها ذات الاحتراق الداخلي. ورغم تكرار القصص الإعلامية عن حرائق بطاريات الليثيوم، إلا أن الحقائق تكشف صورة أكثر توازنًا وتعقيدًا.
نعم، الاختبارات الرسمية من الهيئة الوطنية لسلامة المرور الأمريكية (NHTSA) ومؤسسة IIHS تؤكد أن السيارات الكهربائية توفر مستوى عاليًا من الحماية للركاب.
هذه الاختبارات تستخدم دُمى اختبار تمثل الذكور متوسطي الحجم والإناث صغيرات الحجم لتقييم المخاطر المحتملة للإصابات.
وعلى عكس المخاوف المتكررة من اشتعال البطاريات بعد الاصطدام، لم تسجل أي من اختبارات التصادم الرسمية للسيارات الكهربائية حدوث حرائق. بل وتُظهر النتائج أن المخاوف المرتبطة بالحرائق في السيارات الكهربائية مبالغ فيها بشكل كبير، وغالبًا ما تروجها وسائل الإعلام أكثر من واقع البيانات الفعلية.
ميزة السيارات الكهربائية في الحماية تأتي من ثقل بطارياتها الموزع في أسفل المركبة، مما يمنحها مركز ثقل منخفض يقلل من فرص الانقلاب بنسبة كبيرة. كما أن الوزن الزائد يمنحها تفوقًا في الحوادث مع سيارات أخف وزنًا، إذ تمتص السيارة الأثقل الصدمة بشكل أفضل وتقل سرعة توقفها المفاجئة، ما يقلل خطر الإصابة لركابها.
لكن في الجهة المقابلة، يشكل هذا الوزن الزائد تحديًا للسلامة العامة. فالمركبات الأخف وزنًا مثل السيارات الصغيرة تواجه خطرًا أعلى عند الاصطدام مع مركبة كهربائية ثقيلة، ويُصنّف ذلك ضمن دراسات "عدوانية التصادم" أو Crash Aggressiveness.
إضافة لذلك، يُشكل الوزن الكبير تحديات للبنية التحتية مثل حواجز الطرق السريعة، التي قد لا تتحمل طاقة التصادم من شاحنات كهربائية ضخمة.
وبسبب صمتها التام عند السرعات المنخفضة، تصبح السيارات الكهربائية أكثر خطورة على المشاة وراكبي الدراجات، حيث يصعب سماع قدومها. ومع اتساع انتشارها، يجب تطوير أنظمة صوتية تحذيرية، خاصة في المناطق الحضرية.
والحل هنا يكمن في التطوير المستمر للتقنيات بمواد أخف تقلل الوزن دون التضحية بالصلابة، أنظمة استشعار وتحذير أكثر ذكاءً لتجنّب التصادمات، وتحديثات في خوارزميات الأمان والوسائد الهوائية وأحزمة الأمان.
السيارات الكهربائية تمثل ثورة إيجابية في مجال حماية الركاب، لكن يجب ألا نتجاهل آثارها على الآخرين في الطريق. فالتطور التكنولوجي المستمر هو المفتاح الحقيقي لتحقيق التوازن بين الأمان الداخلي والعام. ومع تقدم الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية، المستقبل يعد بأن يكون أكثر أمانًا للجميع، لا فقط لمن يركب السيارة.