في المستقبل القريب، قد لا يكون قرارك بالضغط على دواسة الوقود كافياً لتجاوز السرعة المحددة، لأن سيارتك ببساطة لن تسمح لك بذلك. هذا هو جوهر مشروع قانون جديد في بعض الدول، يهدف إلى إلزام السائقين المتهورين بتركيب نظام تحديد سرعة ذكي يعتمد على تقنية GPS، لمنعهم من تجاوز الحدود القانونية للسرعة. وبينما يرى البعض أن هذه خطوة حاسمة نحو الطرق الأكثر أماناً، يعتبرها آخرون تدخلاً مبالغاً فيه في حرية القيادة.
تعتمد التقنية المسماة Intelligent Speed Assistance (ISA) على استخدام البيانات الملاحية عبر الأقمار الصناعية (GPS) لقراءة السرعة القصوى المسموح بها في الطريق.
إذا حاول السائق تجاوز هذه السرعة، يتدخل النظام أوتوماتيكياً لتقليل قدرة المحرك ومنع السيارة من التسارع أكثر، بطريقة تشبه تماماً جهاز القفل التنفسي (Breathalyzer Lock) الذي يُفرض على السائقين المخمورين في بعض الدول.
وبحسب المقترح، فإن أي شخص يُدان بارتكاب مخالفات قيادة متهورة مرتين خلال خمس سنوات سيكون ملزماً بتركيب النظام. كما أن تجاوز السرعة القانونية بأكثر من 32 كيلومتراً في الساعة سيُعد سبباً كافياً لتطبيق العقوبة.
تكلفة الجهاز تقدر بحوالي 1,700 دولار أمريكي يتحملها السائق نفسه، وأي محاولة لتعطيل أو إزالة الجهاز قد تؤدي إلى غرامة مالية كبيرة أو السجن.
يرى مؤيدو القانون أن النظام سيجبر السائقين على الالتزام بالقوانين عبر منعهم جسدياً من ارتكاب المخالفة، مؤكدين أنه يبعث برسالة قوية بأن السلامة العامة لا تُساوم. أحد المشرعين وصفه بأنه "تذكير يومي للسائق بضرورة القيادة الآمنة".
أما المنتقدون، فيعتبرون أن النظام لا يعالج سلوك القيادة العدواني بالكامل، إذ لا يمكنه منع السائق من التجاوز الخطر أو القيادة بتهور في الزحام. كما يشير البعض إلى إمكانية التحايل عبر استخدام سيارات أخرى غير مزودة بالنظام.
ليست هذه المبادرة الأولى من نوعها؛ فقد بدأت ولايات أمريكية مثل فرجينيا وواشنطن باختبار أنظمة مشابهة، بينما تدرس الاتحاد الأوروبي إلزام جميع السيارات الجديدة بأنظمة ISA بحلول عام 2026. النتائج الأولية تشير إلى انخفاض كبير في عدد الحوادث الناجمة عن السرعة، ما يدفع دولاً أخرى للنظر في تطبيقها مستقبلاً.
سواء أكنت من مؤيدي التقنية أو من معارضيها، فإن الاتجاه العالمي واضح: المستقبل نحو سيارات أكثر ذكاءً، وأقل اعتماداً على قرارات السائق الفردية. أنظمة تحديد السرعة الذكية ليست مجرد أداة لمراقبة السلوك، بل هي خطوة في رحلة التحول إلى نقل أكثر أماناً ومسؤولية، حيث تصبح السيارة نفسها شريكاً في حماية الأرواح على الطريق.