كان البعض يراه عبقريًا، بينما اعتبره آخرون حالمًا متهورًا. كان جون ديلوريان أصغر مدير تنفيذي في تاريخ شركة جنرال موتورز، وهو العقل المدبر وراء سيارات بونتياك GTO وفايربيرد الأسطورية، والمبتكر الذي صنع سيارة ديلوريان DMC-12، السيارة المستقبلية التي خلدها فيلم Back to the Future. لكن، وعلى عكس إيلون ماسك، لم تنتهِ قصته بالنجاح، بل انتهت بفضيحة. من إحداث ثورة في صناعة السيارات إلى الوقوع في فخ مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) والانهيار المالي، كانت رحلة ديلوريان مليئة بالطموح والخيانة، وشهدت واحدة من أكثر السقطات صدمةً في تاريخ صناعة السيارات.
بتصميم ثوري ورؤية واضحة، قرر ديلوريان في أواخر السبعينات إطلاق شركته الخاصة، بهدف إحداث تغيير جذري في عالم السيارات. حلمه كان بسيطًا لكنه طموح: سيارة رياضية خفيفة الوزن، اقتصادية في استهلاك الوقود، وبسعر مناسب. وبالتعاون مع شركة لوتس، صمّم سيارة ديلوريان DMC-12، وهي سيارة رياضية ذات هيكل مصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ، وأبواب تفتح على شكل جناحي نورس، ما منحها مظهرًا مستقبليًا. كانت هذه السيارة تمثل حلمه، وبفضل ظهورها في فيلم Back to the Future، أصبحت أيقونة في ثقافة البوب.
لكن في الواقع، واجهت السيارة DMC-12 مشاكل إنتاج ضخمة. تأخيرات في التصنيع، ومشاكل في مراقبة الجودة، بالإضافة إلى سعرها المرتفع، أدت جميعها إلى تباطؤ المبيعات. في الوقت نفسه، كانت أوضاع ديلوريان المالية تتدهور بسرعة. فمصنعه في بلفاست، أيرلندا الشمالية، الذي تم تمويله بمبلغ 84 مليون جنيه إسترليني من الحكومة البريطانية، أصبح غارقًا في الاضطرابات السياسية والتأخيرات الإنتاجية. ومع تزايد الخسائر، بدأ ديلوريان يفقد السيطرة على الوقت والمال.
مع اقتراب شركته من حافة الانهيار، لجأ ديلوريان إلى خيارات يائسة. في عام 1982، وجد نفسه متورطًا في عملية سرية نفذها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI). حيث تم تصويره بالفيديو وهو يتفاوض على صفقة كوكايين بقيمة 24 مليون دولار، زعمت السلطات الفيدرالية أنها كانت تهدف إلى إنقاذ شركته المنهارة. وقد أظهر التسجيل المصور ديلوريان وهو يناقش الصفقة، قبل أن تقتحم قوات FBI الغرفة وتلقي القبض عليه.
لكن في تطور مفاجئ داخل قاعة المحكمة، تمت تبرئة ديلوريان من جميع التهم. حيث نجح محاموه في إثبات أنه كان ضحية عملية استدراج من قِبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي دبر العملية بأكملها للإيقاع به. ومع أنه تجنب السجن، إلا أن الأوان كان قد فات. فقد انهارت شركته بالفعل، وتحطمت سمعته، وانتهى حلمه بأن يصبح عملاقًا في صناعة السيارات إلى الأبد.
كانت حياة جون ديلوريان مزيجًا من العبقرية والجدل. من ابتكاراته الرائدة في عالم السيارات إلى سقوطه المأساوي، وتُعدّ قصته من أكثر القصص تشويقًا في تاريخ السيارات. فقد استمر حلمه من خلال سيارة ديلوريان DMC-12، لكن إرثه يبقى قصةً تحذيريةً عن الطموح والقوة وثمن السعي وراء المستقبل.
شاهد قصته كاملة من خلال الموسم الثاني لسلسلتنا: غموض وأسرار في عالم السيارات، على قناتنا Motor 283 على يوتيوب، وللاطلاع على مزيد من التفاصيل غير المروية عن صعود جون ديلوريان وسقوطه انقر على الرابط واكتشف القصة الكاملة وراء واحدة من أشهر الشخصيات في تاريخ السيارات.