في عالم السيارات عالية الأداء، تمر أنظمة التعليق بتطور بطئ ولكن جوهري. في قلب هذا التحوّل تقف شركة دومين Domin البريطانية للهندسة، التي كشفت عن نظام تعليق كهربائي-هيدروليكي نشط بالكامل يعمل بتقنية by-wire، يعدنا بتفوقه على الأنظمة المعقدة التي تستخدمها شركات مثل فيراري، ماكلارين، ونيو. تعتمد هذه التقنية الجديدة على مضخات كهربائية صغيرة وصمامات دقيقة في كل زاوية من السيارة، بدلاً من خطوط الهيدروليك التقليدية، مما يُحدث نقلة نوعية في كيفية التحكم بالقيادة.
وقد تم اختبار هذا النظام لأول مرة على سيارة أستون مارتن DBX707، ويُتوقع أن يدخل حيّز الإنتاج في سيارة خارقة بحلول عام 2028. ويجمع نظام دومين بين الاستجابة السريعة، كفاءة استهلاك الطاقة، والتحكم البرمجي الكامل، مما يجعله مرشحًا لإعادة تعريف كيفية تصميم وضبط السيارات مستقبلًا.
شهدت سيارة أستون مارتن DBX707، وهي واحدة من أكثر سيارات الاس يو في فخامة وأداءً، التجربة الأولى لهذا النظام المبتكر. فقد تم استبدال نظام التعليق التقليدي بمجموعة من الدعامات الكهربائية-الهيدروليكية المستقلة التي تستجيب لحركة العجلات خلال جزئين من الألف من الثانية فقط. والنتيجة؟ قيادة أكثر سلاسة وثباتًا، مع تحكم أدق وتقليل كبير في الانحناء الطولي والجانبي، دون الحاجة إلى الأوزان الزائدة أو تعقيدات الأنظمة الهيدروليكية القديمة.
وما يميز نظام دومين هو تصميمه المستقل بالكامل. فبدلاً من الاعتماد على مصدر ضغط مركزي، يُولد كل ركن من السيارة ضغطه الخاص ويتحكم به بشكل منفصل. وهذا يمنح السيارة قدرة غير مسبوقة على الحفاظ على ارتفاعها، والتحكم في التخميد، وامتصاص النقرات الأرضية بدقة وكفاءة مذهلتين.
تعتمد السيارات الرياضية الفائقة مثل فيراري F80 وسيارات ماكلارين الخارقة على أنظمة تعليق هيدروليكية معقدة أو شبه نشطة لتحقيق الأداء الفائق. لكن هذه الأنظمة تُعد ثقيلة ومعقدة وتستهلك الكثير من الطاقة. ويأتي نظام دومين ليقلب هذه المعادلة؛ فهو أبسط، أخف، وأكثر استجابة، إذ يمكن لكل وحدة أن تضبط ارتفاع السيارة وصلابة التعليق فورًا، بناءً على ظروف الطريق، دون الحاجة لتبريد سائل.
وتُظهر الاختبارات أن سرعة استجابة النظام الجديد تتفوق بشكل واضح على مخمدات فيراري متعددة الأوضاع، كما أنه يستهلك جزءًا بسيطًا من الطاقة. وبالاعتماد على برمجيات للتحكم الدقيق، يُمكن تقديم أداء استثنائي دون المساومة على الأداء أو الوزن.
على الرغم من أن شركة دومين لا تخطط لتصنيع سياراتها الخاصة، إلا أن تقنيتها تقترب بسرعة من خطوط الإنتاج. فقد بدأت شركة ألمانية كبرى باختبار وحداتها "العينة B"، وهناك مصنع سيارات خارقة، لم يُكشف عنه بعد، يستعد لإطلاق سيارة تستخدم نظام دومين بحلول عام 2028.
وما يجعل هذا النظام "مستعدًا للمستقبل" بحق هو مرونته العالية؛ فهو قادر على التعامل مع الكبح، التوجيه، التحكم في الميلان الجانبي، وحتى ضبط الكامبر، وكل ذلك برمجيًا. ومن الممكن أن تقدم الشركات لاحقًا أنماط قيادة ديناميكية كخدمة باشتراك شهري، ما سيُغير من طريقة تفاعل السائق مع السيارة بالكامل.
نظام دومين ليس مجرد تحسين تقني، بل يُمثل نقلة نوعية في عالم التحكم الديناميكي بالسيارات. فقدرته على دمج الأداء العالي مع البساطة البرمجية تجعله مرشحًا لقيادة مستقبل السيارات الخارقة والرياضية. وإذا تم تبنيه من قبل المصنعين الكبار، فقد نشهد حقبة جديدة من السيارات "المُحددة بالبرمجيات" فعلًا.