في سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي، ظهرت لمسة غريبة على الزجاج الأمامي لعديد من سيارات جنرال موتورز، وهي سلكان رفيعان بالكاد يُلاحظان يمتدان عبر الزجاج. لم تكن هذه الخطوط للزينة ولا لأغراض بنيوية، بل كانت عملية بامتياز. فقد عمدت الشركة إلى دمج هوائي الراديو مباشرة داخل زجاج السيارة الأمامي، في تصميم تجريبي هدفه تعزيز الشكل العام، وتحسين المتانة، وربما تقليل مقاومة الهواء أيضًا. ورغم أن هذه التقنية لم تُعتمد لفترة طويلة، فإنها تُعد واحدة من أروع الابتكارات المنسية في تاريخ صناعة السيارات.
في سعيها إلى تصميم أكثر سلاسة وعصرية خلال السبعينيات، رأت جنرال موتورز أن إزالة الهوائي الخارجي الخاص بالراديو خطوة ذكية نحو التحديث. وبتضمين الهوائي داخل الزجاج الأمامي، حققت الشركة مظهراً أنيقاً وانسيابياً يتماشى مع هوس تلك الحقبة بالأشكال المستقبلية. علاوة على ذلك، فإن الهوائيات التقليدية كانت عُرضة للثني أو الكسر أو حتى السرقة. لذا فإن دمجها داخل الزجاج كان يُعد حلاً أكثر متانة وأقل لفتاً للنظر.
ويتكهن البعض أن هذا التصميم ساعد أيضاً من الناحية الانسيابية الهوائية، ولو بشكل بصري على الأقل. فواجهة خالية من العناصر البارزة كانت تعني مقاومة هواء أقل وشكلاً يُشبه المركبات الفضائية، وهو ما كان ينسجم تماماً مع ثقافة السيارات في ذلك العصر.
لكن في حال تعطل هذا النوع من الهوائيات، لم يكن الحل بسيطاً كاستبدال قضيب معدني. بل كان يتطلب أحياناً استبدال الزجاج الأمامي بأكمله، ما جعل عملية الإصلاح مكلفة ومعقدة.
كانت كاديلاك من أوائل العلامات التابعة لجنرال موتورز التي قدمت هوائي الراديو مدمج بالزجاج الأمامي، وبحلول منتصف السبعينيات، أصبح هذا الابتكار متاحاً في عدة طرازات تشمل شاحنات شيفروليه وسابربان وبويك، بل وحتى سيارات عائلية مثل ريجال. وقد نالت هذه الميزة إعجاب بعض المشترين، خصوصاً من كانوا يفضلون الخطوط الخارجية النظيفة والمظهر الهادئ.
ولكن مع دخول عقد الثمانينيات، بدأت جنرال موتورز بإلغاء هذه الميزة تدريجياً دون إعلان رسمي. ولا يُعرف تماماً ما إذا كانت تكاليف التصنيع، أو التغيرات في توجهات التصميم، أو ببساطة صعوبة الصيانة هي السبب في التخلي عنها. لكن المؤكد أن هذا الابتكار الجريء، الذي كان في وقت ما رمزاً للتقدم، أصبح مجرد تفصيل منسي في سجل تاريخ السيارات.
ولكن يُظهر هذا الابتكار كيف أن الصناعة كانت دوماً تبحث عن المزج بين الجمال والعملية، حتى إن لم تُكتب لبعض هذه الأفكار الاستمرارية. ورغم أنها لم تدُم، فإن ميزة هوائي الراديو المدمج في الزجاج تعكس رؤية تصميمية متقدمة سبقت عصرها، وتستحق أن تُذكر ضمن أهم محاولات الإبداع في تاريخ السيارات.