شهد قطاع السيارات تغيرات جذرية تجاوزت النموذج التقليدي الذي يقتصر على تصنيع وبيع السيارات. فقد ازداد تعقيد هذه الصناعة استجابة لمتطلبات السوق وتطورات القطاعات الأخرى، بالإضافة إلى التقدم التكنولوجي الذي جعل سيناريوهات المستقبل أقرب إلى الواقع. يُتوقع أن يصل حجم سوق التكنولوجيا في السيارات إلى أكثر من 100 مليار دولار بحلول عام 2028، مع معدل نمو سنوي مركب يبلغ 8.21% بين عامي 2023 و2028. وقد أبدت شركات مثل جوجل وتسلا اهتمامًا كبيرًا في القطاع، عبر دمج المزيد من التقنيات في سياراتها. في المقابل، تلجأ شركات أخرى إلى التعاون مع شركات التكنولوجيا لتعويض نقص المهارات أو التمويل.
ابتداءً من عام 2024، أصبحت أنظمة مساعدة السائق المتقدمة (ADAS) مثل الكبح التلقائي الطارئ، وتحذير مغادرة المسار، وأنظمة مراقبة السائق إلزامية في الاتحاد الأوروبي بموجب تحديث لوائح السلامة العامة. كما سيتم تزويد جميع السيارات الجديدة بأجهزة تسجيل بيانات لتحسين تصميمات السلامة مستقبلًا. بالإضافة إلى ذلك، ستُطبق معايير اختبارات تصادم أكثر صرامة مع اعتماد حساسات وكاميرات متطورة لحماية المشاة وراكبي الدراجات. ويُتوقع أن تسهم هذه التدابير في إنقاذ أكثر من 25,000 حياة وتجنب 140,000 إصابة خطيرة بحلول عام 2038.
بات المستهلكون يطالبون بتقنيات معلومات وترفيه متقدمة تتكامل بسلاسة مع تجربة القيادة. تشمل هذه التقنيات اتصالًا بأنظمة ADAS، والهواتف الذكية، والتطبيقات، وأجهزة الاستشعار، إلى جانب الربط بالمركبات الأخرى والبنية التحتية الحضرية في عالم متكامل مع إنترنت الأشياء (IoT). شركات مثل جيب وتسلا ونيسان وكيا تخطط لتجديد أنظمتها لتوفير ميزات جديدة تتماشى مع متطلبات السوق.
ازدادت شعبية السيارات الكهربائية، خصوصًا تلك التي تعتمد على خلايا الوقود، حيث توفر مدى قيادة أطول بخمس مرات مقارنةً بالمركبات الكهربائية التقليدية وسرعة شحن أعلى. تُعد حلول شحن مبتكرة، مثل تلك التي طورتها شركة ChargeX الألمانية، استجابةً للتحديات المتعلقة بنقص محطات الشحن وتوسيع نطاق التغطية.
تلعب السيارات ذاتية القيادة دورًا محوريًا في تحسين النقل العام والخدمات اللوجستية. حيث تساهم هذه السيارات في تقليل فترات التوقف وتحسين الأمان بفضل تقنيات استشعار متقدمة وأنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على مساعدة السائقين في حالات الطوارئ. وتشير التقارير إلى أن 40% من المسافات المقطوعة في أوروبا قد تُغطى بواسطة سيارات ذاتية القيادة بحلول عام 2030.
هذا وتعزز الشركات المصنعة من ربط سياراتها بشبكة إنترنت الأشياء باستخدام تقنيات لاسلكية. هذا التكامل يُحسّن دقة أنظمة تحديد المواقع، ويسهل استعادة السيارات المسروقة، ويوفر ميزات مثل التشخيص عن بُعد، والتقارير الصحية للمركبة، وخدمات الواي فاي، والمساعدة المدمجة. علاوة على ذلك، تساعد البيانات الرقمية في تقديم حلول تأمينية مخصصة بناءً على حالة السيارة.
تُغيّر التكنولوجيا بشكل جذري ومستدام طريقة قيادة السيارات وشرائها وتصنيعها. من تحسين الأمان إلى تقديم خدمات معلومات وترفيه متقدمة، تلعب الابتكارات التقنية دورًا أساسيًا في تحقيق أهداف الاستدامة وتعزيز تجربة القيادة.