توجه بورشه رسالة قوية لعشاق السيارات التقليدية: محركات الاحتراق الداخلي (ICE) ستبقى. فبينما تتجه معظم شركات السيارات نحو الكهرباء بالكامل، تؤكد بورشه التزامها بالمحركات العاملة بالبنزين. حيث أكدت الشركة الألمانية الفاخرة أن اثنين من طرازاتها الرائدة، باناميرا وكايين، سيستمران في الاعتماد على محركات الوقود "حتى وقت متأخر من ثلاثينيات القرن الحالي".
يأتي هذا الإعلان في وقت تتغير فيه استراتيجيات الصناعة، حيث تعمل بورشه على إعادة ضبط خططها الخاصة بالكهرباء. فبينما لا تزال السيارات الكهربائية جزءًا رئيسيًا من مستقبلها، تدرك الشركة أن التحول الكامل نحو الكهرباء سيستغرق وقتًا أطول مما كان متوقعًا في البداية.
جاء قرار بورشه نتيجة إعادة تقييم واقعية لأهدافها في التحول الكهربائي. ففي البداية، كانت الشركة تهدف إلى أن تكون 80% من مبيعاتها كهربائية بالكامل بحلول عام 2030. لكن خلال المؤتمر الصحفي السنوي، اعترف أوليفر بلومه، الرئيس التنفيذي لبورشه، بأن هذا الهدف أصبح "غير واقعي". حيث أن نسبة السيارات الكهربائية بالكامل في مبيعات بورشه لا تتجاوز حاليًا 12.7%، مما يشير إلى أن الطلب في السوق والبنية التحتية غير جاهزين بعد للانتقال الفوري إلى السيارات الكهربائية بالكامل.
وبالتالي، ستواصل باناميرا، التي انتقلت مؤخرًا إلى جيل جديد، وكايين، التي خضعت لتحديث كبير في عام 2023، التطور باستخدام محركات البنزين والهجينة. كما أكدت بورشه أن كايين ستحتفظ بمحركها V8 لما بعد عام 2030، بينما ستظل كلتا السيارتين متاحتين بخيارات محركات V6. كما ستظل الإصدارات الهجينة القابلة للشحن (PHEV) جزءًا أساسيًا من التشكيلة، حيث توفر نطاقًا كهربائيًا محسّنًا كحل وسيط بين محركات الاحتراق الداخلي والمحركات الكهربائية بالكامل.
لا يعني التزام بورشه بمحركات الاحتراق الداخلي أنها تتخلى عن السيارات الكهربائية. بل تمضي الشركة قدمًا في خطة إنتاج متنوعة تشمل إطلاق الجيل الرابع من كايين الكهربائية بالكامل في وقت لاحق من هذا العام، بالإضافة إلى الطرازات الكهربائية المرتقبة 718 بوكستر وكايمان. كما تعمل الشركة على تطوير سيارة اس يو في كهربائية أكبر بثلاثة صفوف من المقاعد، والمتوقع إطلاقها خلال هذا العقد.
في الوقت نفسه، تستثمر بورشه بشكل كبير في الوقود الصناعي (eFuels)، وهو وقود اصطناعي يهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون دون التخلي عن المحركات التقليدية. حيث أنشأت الشركة منشأة لإنتاج الوقود الصناعي في بونتا أريناس، تشيلي، وتمكنت في أواخر عام 2022 من تعبئة أول سيارة 911 بوقود شبه محايد كربونيًا.
وعلى الرغم من أن الرؤية طويلة المدى لبورشه لا تزال تعتمد على الكهربة، فإن أحدث قراراتها يؤكد أنها لن تتسرع في الانتقال الكامل إلى السيارات الكهربائية. بل اختارت نهجًا متوازنًا، يحافظ على تجربة القيادة التقليدية بالوقود، مع تطوير تقنيات مبتكرة لمستقبل أكثر استدامة.