في لحظة نادرة لمحبي السيارات الكلاسيكية والسباقات الأسطورية، يُعرض حالياً أول نموذج بورشه 910 تم إنتاجه للبيع في مزاد على منصة "Bring a Trailer". لا يظهر مثل هذا الكنز التاريخي كثيراً، فهو ليس فقط النموذج الأول من نوعه، بل يعتبر علامة فاصلة في تاريخ بورشه، إذ شكّل الجسر بين سيارات الشركة التجريبية في الستينات وطرازات التحمل الأيقونية مثل بورشه 917.
سيارة بورشه 910 ذات الرقم الهيكلي "910001" كانت حجر الأساس لانطلاقة بورشه نحو الهيمنة في عالم السباقات. وعلى الرغم من أنها تطوّرت من طرازات سابقة مثل 904، إلا أنها مثلت القفزة النوعية التي مهدت الطريق لطرازات السباقات الأسطورية التي تبعتها.
ما يميّز هذا الطراز بشكل خاص ليس فقط كونه النموذج الأول، بل أيضاً سجله الحافل بالإنجازات. فقد فاز هذا النموذج بالمركز الأول في فئته، والرابع على الترتيب العام في سباق "1000 كم مونزا" عام 1968. وبعدها، تم تعديله ليكون قانونياً للاستخدام على الطرقات، مع الاحتفاظ بروح السباقات من خلال مشاركاته مع عدد من المتسابقين المستقلين عبر السنوات.
في بداياتها، زُوّدت طرازات 910 بمحرك سداسي أفقي سعة 2.0 لتر، وهو ذاته المستخدم في سيارات بورشه 911 المخصصة للسباقات آنذاك. ورغم أن الطرازات اللاحقة اعتمدت على محركات ثمانية مسطحة أكثر قوة، إلا أن هذه الإصدارات الأولى تميّزت بصوتها الفريد واستجابتها المذهلة، خصوصاً بفضل استخدام هيكل المحرك المصنوع من الماغنيسيوم الخفيف، ما منحها شخصية ديناميكية لا تُنسى.
بعد ترميم دقيق يهدف لتحضير السيارة للمشاركة في سباقات "FIA التاريخية"، استعادت بورشه 910 أناقتها الأصلية، ولكن مع جاهزيتها الكاملة لاستخدامها في الحلبات من جديد. إنها ليست مجرد سيارة عرض تُحفظ في المتاحف، بل آلة زمنية ميكانيكية يمكن قيادتها، تعزف لحنها الميكانيكي العنيف أمام عشاق السيارات الكلاسيكية.
وحتى لحظة كتابة هذا المقال، تجاوز سعر السيارة في المزاد 1.3 مليون دولار، وما زالت أمامها ثلاثة أيام للمزايدة. وعلى الرغم من التذبذب الذي يشهده سوق السيارات الكلاسيكية في السنوات الأخيرة، فإن مشاهدة مثل هذه الكنوز وهي تعود للسطح يبقى أمراً مثيراً لكل محب للتاريخ الميكانيكي الحقيقي.
بيع أول نموذج بورشه 910 هو مناسبة نادرة تحمل في طياتها عبق الماضي المجيد للسيارات الرياضية. لا يُقدّر هذا الطراز بثمن فقط لندرته، بل لكونه جزءاً من تطور بورشه إلى أسطورة في عالم السباقات. إذا كنت من عشاق القيادة الأصيلة والتاريخ الميكانيكي، فهذه السيارة هي الحلم مجسداً على أربع عجلات.