شهد سوق السيارات الكهربائية تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، بفضل التطورات المستمرة في تكنولوجيا البطاريات. ومع ذلك، لا يزال هذا السوق في مراحله الأولى، حيث تعتمد سيارات مثل تسلا موديل S وX على خلايا بطاريات الليثيوم-أيون المصممة في الأصل للإلكترونيات الاستهلاكية. لكن تكنولوجيا البطاريات تشهد الآن طفرة نوعية؛ فظهور تقنيات جديدة يعدنا بفتح فصل جديد من التطوير يمكن أن يعيد تعريف صناعة السيارات الكهربائية بالكامل.
وتتنافس الشركات الرائدة حاليًا لتحقيق الجيل القادم من بطاريات السيارات الكهربائية من خلال طريقتين رئيسيتين: تحسين بطاريات الليثيوم-أيون التقليدية، أو تطوير نوع جديد من الخلايا. وتعمل شركات مثل Factorial، QuantumScape، وGroup14 على قيادة هذا التطوير، من خلال شراكات مع علامات تجارية رئيسية مثل مرسيدس-بنز وفولكس فاجن. وتركز هذه الشركات على تطوير بطاريات الحالة الصلبة SSBs وكيميائيات الليثيوم المتقدمة، مما سيؤثر بشكل كبير على مستقبل السيارات الكهربائية.
حظيت بطاريات الحالة الصلبة باهتمام واسع لما تحمله من إمكانات لحل بعض المشكلات الأساسية في بطاريات الليثيوم-أيون التقليدية، مثل الكثافة الطاقية العالية والوزن والسلامة. فعلى عكس البطاريات التقليدية التي تستخدم إلكتروليت سائل، تعتمد بطاريات الحالة الصلبة على إلكتروليت صلب، مما يتيح استخدامها لليثيوم المعدني كقطب موجب، وهو ما يمكن أن يزيد الكثافة الطاقية ويقلل من الوزن ويعزز السلامة.
أحد الابتكارات الرئيسية في بطاريات الحالة الصلبة هو قدرتها على منع تكون البلورات الشجرية (Dendrites) التي تشكل تهديدًا لأمان البطاريات التقليدية. وتتسبب هذه البلورات بتماس كهربائي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع حراري خطير. لكن بفضل استخدام الإلكتروليت الصلب، تتمتع بطاريات الحالة الصلبة بمقاومة أعلى ضد تكون هذه البلورات، مما يزيد من استقرار البطاريات ويتيح استخدام القطب الليثيومي المعدني بأمان.
تُعد شركتا Factorial وQuantumScape من أبرز المبتكرين في مجال بطاريات الحالة الصلبة، حيث يعملون على تطوير تقنيات تتيح بطاريات أكثر أمانًا وأخف وزنًا وأعلى كثافة كما يلي:
طورت Factorial، وهي شركة في بوسطن، خلايا بطاريات تعمل بأكثر من 600 دورة شحن وتفي بمعايير السيارات من حيث التحمل والأداء. وقد تمكنت من شحن آلاف من خلايا البطاريات هذه إلى شركات تصنيع سيارات مثل ستيلانتس ومرسيدس-بنز للاختبار، وأظهرت نتائج مشجعة؛ حيث تتميز خلايا Factorial بأنها أخف بنسبة 40% وأصغر بنسبة 33% من بطاريات الليثيوم-أيون التقليدية.
من جانبها، تعتمد QuantumScape على شراكتها مع فولكس فاجن وتعمل على تطوير مادة إلكتروليت صلبة يمكن أن تعزز من عمر البطارية وقدرتها على الشحن السريع، مما قد يجعل حلم البطاريات طويلة الأمد وعالية الأداء للسيارات الكهربائية حقيقة.
وبالتوازي مع بطاريات الحالة الصلبة، تركز شركة Group14 على تطوير بطاريات تعتمد على الأنودات المصنوعة من السيليكون، الذي يمكنه تخزين أيونات الليثيوم بكثافة أكبر من الأنودات التقليدية المصنوعة من الجرافيت، مما يزيد من كثافة الطاقة. رغم ذلك، تواجه هذه البطاريات تحديات بسبب تمدد السيليكون خلال دورات الشحن، لكن الشركة تعمل على التغلب على هذه التحديات من خلال تطوير أنودات سيليكونية متينة تستطيع الصمود أمام تكرار دورات الشحن.
ولكن، رغم الآمال الكبيرة المعقودة على هذه التقنيات الجديدة، إلا أن هناك تحديات كبيرة تقف أمام تصنيع بطاريات الحالة الصلبة بكميات ضخمة نظرًا لتكلفتها العالية. لكن الشراكات مع شركات السيارات الكبرى، مثل شراكة Factorial مع مرسيدس-بنز، تساعد في دفع عجلة التطوير وتذليل العقبات. ويعتقد بعض الخبراء أن الانتشار الواسع لهذه البطاريات قد يستغرق سنوات عدة قبل أن تصبح البطاريات الجديدة قياسية في السيارات الكهربائية.
ومن المؤكد أن الثورة الجارية في تكنولوجيا البطاريات ستحدث تغييرًا جذريًا في صناعة السيارات الكهربائية. فمع التطورات التي تقودها شركات مثل Factorial وQuantumScape وGroup14، يبدو أن مستقبل للسيارات الكهربائية سيكون أكثر إشراقًا. فهذه البطاريات الجديدة تعد بتحسين أداء السيارة، وزيادة مدى القيادة، وتعزيز السلامة، وهي عوامل أساسية في تسريع تبني السيارات الكهربائية على نطاق واسع.