في زمن كانت فيه رسوم الكرتون ترسم ملامح مستقبل خيالي، وعدنا مسلسل "ذا جيتسونز-The Jetsons" بعالم تعمه السيارات النفاثة الطائرة التي تنساب بين ناطحات السحاب. لكن مع التقدم التكنولوجي الكبير في عالم السيارات، أين اختفت هذه الفكرة؟ هل كانت مبالغاً بها أم أن هناك أسبابًا عملية حالت دون تحققها؟
في عصر يشهد سباقاً محموماً نحو مصادر الطاقة البديلة، باتت البطاريات الكهربائية والهيدروجين والوقود الصناعي هي العناوين الرئيسية. إلا أن أحد أكثر البدائل المثيرة للفضول، وهو الدفع بالنفاثات أو البخار عالي الضغط، لم يحظَ بنفس الاهتمام.
في محاولة جريئة وفضولية، قامت قناة Garage 54 الروسية الشهيرة بتجربة غير معتادة: هل من الممكن دفع سيارة بالكامل بواسطة بخار عالي الضغط؟ وكانت الإجابة: نعم، ولكن، بتكاليف باهظة على صعيد الكفاءة والأمان.
فقد استخدم الفريق سيارة لادا قديمة، وثبتوا على هيكلها خزان ضغط خارجي مليء بالماء، ثم أشعلوا النار أسفله لصنع البخار اللازم للدفع. ورغم المحاولات المتعددة والمليئة بالإخفاق، تمكنوا في النهاية من إطلاق السيارة لتسير بفعل القوة البخارية المتولدة من الماء الساخن.
لكنّ النتيجة لم تكن مثالية، إذ شوهدت تشوهات في هيكل السيارة بسبب ضغط البخار الهائل، مما أظهر مدى الخطورة الكامنة في هذه الفكرة. التجربة أكدت أن البخار قادر فعلاً على دفع المركبة، لكن الأمر لا يتجاوز كونه عرضًا استثنائيًا بعيدًا عن الواقع العملي.
النتيجة النهائية لهذه التجربة تلخص الواقع: رغم كل الحماس والغرابة التي صاحبت فكرة الدفع بالبخار أو بالنفاثات، فهي غير قابلة للتطبيق العملي. فالتجهيز استغرق ساعات، والنتيجة لم تستمر إلا لدقائق. وبالطبع، لا أحد لديه رفاهية انتظار سيارة "تغلي" لساعات قبل الانطلاق إلى العمل!
حتى مع وجود القوة الكامنة خلف الفكرة، يبقى الجانب الأمني والكفاءة والموثوقية هي العوائق الكبرى. ضغوط بخارية هائلة تتطلب هياكل خاصة، وأي خلل قد يعني كارثة حقيقية.
وهكذا، تتضح الحقيقة التي رفضنا تصديقها في طفولتنا: لن نحظى بسيارات نفاثة كما وعدنا "ذا جيتسونز". فالمستقبل يسير في اتجاه آخر، أكثر هدوءاً وكفاءة، لكنه للأسف أقل إثارة.
ورغم جمال الحلم، فإن الحقائق الهندسية والعملية لا ترحم. السيارات النفاثة ستبقى في خيال الرسوم المتحركة، بينما تمضي البشرية نحو كهرباء صامتة وهيدروجين أنيق، لا نحو بخار يغلي تحت المقعد الأمامي.