في زمن كانت فيه السيارات تسعى جاهدة لمواكبة الثورة الرقمية، قررت كرايسلر أن تمزج المستقبل بالحاضر بطريقة لم تخطر ببال أحد: ماذا لو احتوت لوحة القيادة على مكتب مصرفي؟!
مرحباً بك في عالم كرايسلر نيويوركر 1983، السيارة التي أرادت أن تُرضي عاشقي التقنية الحديثة دون أن تُغضب عشّاق الفخامة الكلاسيكية، فخلقت مقصورة داخلية تُشبه تماماً مكتب مدير بنك في وول ستريت، لكن مع شاشات رقمية وصوت إلكتروني يُذكّرك بإغلاق الباب!
هذه ليست مجرّد سيارة، بل تجربة تصميمية فريدة تمشي على أربع عجلات. مزيج مذهل من الخشب المزيّف، الأدراج الوهمية، الحواف الفينيلية، والتقنيات الرقمية المبكرة التي لا تزال تُثير الاستغراب حتى بعد 40 عاماً.
وفي السطور التالية، سنغوص معاً في تفاصيل واحدة من أغرب المقصورات التي عرفها تاريخ السيارات، ونكشف كيف أرادت كرايسلر أن تحوّل سيارة سيدان إلى مكتب تنفيذي على عجلات، بحلم لم يكتمل، لكنه يستحق التقدير.
شهدت كرايسلر نيويوركر بين عامي 1983 و1987 تحولًا غريبًا في التصميم الداخلي، فقد واجه المصممون تحديًا حقيقيًا: كيف ندمج التقنيات الحديثة دون تنفير العملاء التقليديين؟ وكانت النتيجة واحدة من أغرب المقصورات الداخلية في تاريخ السيارات.
ورغم أن اسم "نيويوركر" ظهر لأول مرة في خمسينيات القرن الماضي، فإن الجيل المعني هنا هو سيدان الثمانينيات، المبني على نسخة موسعة من منصة K-car الشهيرة من كرايسلر. وقد حاول هذا الطراز الحفاظ على الهيبة الفخمة للطرازات السابقة من خلال سقف "لاندو" مكسو بالفينيل، وأغطية عجلات مزيفة بأسلوب "سلة الأسلاك"، وفتحات تهوية مزخرفة على الرفارف الأمامية. لكن رغم المظهر التقليدي، كانت السيارة أخف وزنًا بـ420 كجم وأقصر بـ510 مم مقارنة بالجيل السابق.
من حيث الأداء، اعتمدت السيارة على محرك أمامي صغير بسعة 2.2 لتر ينتج 90 حصانًا فقط، وقد أمكن ترقيته اختياريًا إلى محرك ميتسوبيشي 2.6 لتر بعزم أعلى قليلًا. لم يكن الأداء مثيرًا، فالتسارع من 0 إلى 96 كم/س استغرق 13.9 ثانية حسب اختبار MotorWeek.
لكن الأغرب من الأداء كان تصميم لوحة العدادات والمقصورة. فقد مزجت السيارة بين مؤشرات رقمية، وكمبيوتر رحلات، ومساعد صوتي مزعج يذكّرك بالأبواب المفتوحة، وكل ذلك داخل لوحة مزيفة من الخشب تشبه مكاتب موظفي البنوك في وول ستريت، وتحديدًا في عام 1983.
أما الكونسول الوسطي، فكان يشبه خزانة أدراج مكتبية! وتلك الأدراج كانت في الواقع أبوابًا تُفتح لتكشف عن وحدات تخزين داخلية، وهي واحدة من أغرب حلول التخزين التي ظهرت في السيارات الفاخرة.
في عام 1985، حصلت نيويوركر على محرك تيربو بقوة 146 حصانًا، وهو لم يكن متاحًا في بداية الطرح عام 1983. وتم بيع إحدى هذه النسخ النادرة على موقع Bring a Trailer عام 2022 بسعر 6,100 دولار أمريكي، ولم تُعرض أي نسخة أخرى منذ ذلك الحين، ما يدل على ندرة هذه التجربة وتصميمها الذي بقي حبيس الماضي.
رغم أن هذه السيارة كانت محاولة جريئة للمزج بين التقليدي والتقني، فإن السوق لم يكن مستعدًا لهذا النوع من "الغرابة الأنيقة"، ولا يبدو أن أي صانع سيارات سيتجرأ في المستقبل القريب على تركيب تصميم مكتبي في لوحة عدادات سيارة فاخرة.
تصميم كرايسلر نيويوركر في تلك الفترة يُعد تحفة من الجنون التصميمي الجميل الذي يُعبّر عن عصر كان يكتشف التقنية بحذر. وبالرغم من أن التجربة لم تكن مثالية، لكنها كانت صادقة ومليئة بالمغامرة.