قد يبدو انخراط جنرال موتورز في تقنية خلايا الوقود الهيدروجينية أمرًا حديثًا، خاصة مع تعاونها الأخير مع هوندا، إلا أن الحقيقة تعود إلى أكثر من نصف قرن. ففي ستينيات القرن الماضي، وبينما كانت وكالة ناسا تسعى لاستخدام خلايا الوقود لتأمين الكهرباء لمهام الهبوط على القمر، كانت جنرال موتورز تجرب التقنية ذاتها على الأرض.
في تلك الحقبة، لم تكن البطاريات كافية لتشغيل أنظمة الاتصال وتوليد الماء والإضاءة وتكييف الهواء في مركبة أبولو، لذلك اعتمدت ناسا على خلايا الوقود التي تولّد الكهرباء من خلال تفاعل الهيدروجين مع الأكسجين. وبتشجيع من هذا النجاح الفضائي، طوّرت جنرال موتورز، بالتعاون مع شركة "يونيون كاربايد"، خلايا وقود ضخمة، لم يكن بالإمكان تركيبها في سيارات كورفاير الكهربائية المعدلة التي أنتجتها سابقًا، فاتجهت الشركة إلى شاحنتها الصغيرة "إلكتروفان"، النسخة الأمريكية المنافسة لسيارات فولكس فاجن وفورد الصغيرة.
لكن حتى بعد تغيير المنصة، كان النظام كبيرًا جدًا لدرجة أنه حول الشاحنة إلى مركبة بمقعدين فقط، حيث شغل نظام خلايا الوقود، مع خزانات الهيدروجين والأكسجين، الجزء الأكبر من المساحة والوزن.
عمل نظام خلايا الوقود على توليد الكهرباء من خلال تفاعل كيميائي بين الهيدروجين والأكسجين، ينتج ماء وحرارة وطاقة. لكن ضخامته ووزنه الكبير جعلاه بعيدًا عن أي استخدام عملي في ذلك الوقت. فقد بلغ الوزن الإجمالي للشاحنة "إلكتروفان" حوالي 3,220 كغ، منها 1,770 كغ فقط لمعدات خلايا الوقود، مما جعل معظم سيارات اليوم الكهربائية تبدو خفيفة بالمقارنة، باستثناء شاحنة هامر الكهربائية بالطبع.
أما الأداء، فكان محدودًا للغاية. فقد استغرق التسارع من 0 إلى 96 كم/س حوالي 30 ثانية، وهو رقم ضعيف جدًا، لكنه لم يكن بعيدًا عن أداء النسخة الأصلية المزودة بمحرك 2.5 لتر بقوة 90 حصانًا. أما مدى السير، فقد قُدّر بـ240 كيلومترًا، لكن لم يتم اختباره فعليًا على الطرق العامة بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة. وفعلاً، ثبتت تلك المخاوف عندما انفجر أحد خزانات الوقود خلال تجربة، مرسلًا الشظايا لمسافة وصلت إلى 400 متر.
رغم فشل المشروع تجاريًا، كانت شاحنة "إلكتروفان" أول مركبة في العالم تُدار بالكامل بخلايا الوقود، ونجحت في إظهار إمكانية استخدام هذه التقنية، مما مهد الطريق لاحقًا لنماذج أكثر كفاءة وأقل حجمًا تعتمد على الهواء الطبيعي كمصدر للأوكسجين بدلاً من خزانات الأوكسجين الضخمة.
واليوم، وبعد حوالي 60 عامًا، ما زالت جنرال موتورز تواصل العمل على تقنيات خلايا الوقود جنبًا إلى جنب مع المركبات الكهربائية التقليدية. وتُعتبر وحدات "Hydrotec" التي تطورها الشركة حاليًا أكثر ملاءمة للمركبات الصناعية الثقيلة مثل شاحنات التعدين، مقارنة بالبطاريات التي تناسب السيارات والمركبات الأخف وزنًا.
رغم أن "إلكتروفان" كانت سابقة لعصرها إلى حد أنها بدت غير واقعية في وقتها، فإنها تؤكد أهمية التفكير الطموح والتجريبي في تطوير مستقبل السيارات. واليوم، تجني الصناعة ثمار تلك المغامرات التي فتحت أبوابًا جديدة للطاقة النظيفة.