أثارت جدلاً كبيراً خلال السنوات الماضية بسبب تفردها، وتحدثت عنها عشرات المنصات الإعلامية العربية والعالمية. إنها دانيا عقيل، أول امرأة سعودية تشارك في الراليات وتفوز ببطولة باها العالمية. صنفت ضمن أكثر النساء تأثيراً في المملكة العربية السعودية، ورغم قدرتها على إثبات نفسها وتحقيق عدة إنجازات غير مسبوقة خلال فترة لا تتجاوز الخمس سنوات، إلا أن قصتها تعكس قدراً كبيراً من الإصرار والمثابرة والحب والشغف لهذا العالم الذي بدأ عندما كانت في العاشرة من عمرها.
تتذكر دانيا تجربتها الأولى في القيادة عندما كانت في الرابعة من عمرها، عندما اشترى لها والدها دراجة هوائية عليها رسومات باربي وإطارات بيضاء. وعلى مدار عدة سنوات بعد ذلك، أحببت اللعب بالسيارات الصغيرة والتحكم بها حتى بلغت العاشرة من عمرها، وهنا كانت بداية حبها لعالم المحركات. وفي أحد الأيام أخذها والدها إلى أحد المحلات التجارية الخاصة بالألعاب، ورأت أول سيارة جو كارت في حياتها، والتي كانت تحتوي على محرك بنزين، وفي الحقيقة اشتراها لها والدها الذي كان من عشاق السيارات والسباقات ويعرف الكثير عن عالم الفورمولا 1. كانت دانيا تتحدث دائمًا عن آليات القيادة وطرق المناورة في المنعطفات وتحقيق أسرع اللفات لتظهر تألقها وتتفوق على والدها عندما كان عمرها ثلاثة عشر عامًا فقط.
استمر حب دانيا للمحركات على مر السنين، وعندما بلغت السابعة عشرة من عمرها كانت تعيش في بريطانيا. تقدمت بطلب للحصول على رخصة قيادة قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها واشترت سيارتها الأولى، ميني كوبر.
دخلت دانيا عقيل عالم الحلبات عام 2019 عندما شاركت في برنامج تدريبي لركوب الدراجات النارية السريعة مع عدد من المتسابقين المحترفين. وبعد ستة أشهر، عُرض عليها المشاركة في إحدى البطولات المحلية لركوب الدراجات في الإمارات، وحينها تواصلت مع الاتحاد السعودي للسيارات للحصول على خطاب عدم ممانعة للمنافسة في السباقات، وكان الرد أن الاتحاد سيصدر لها أول ترخيص للمشاركة في سباقات الدراجات السريعة. ومثلت هذه اللحظة نقطة البداية في مسيرة دانيا عقيل الرياضية، وتقول إن هذه إحدى اللحظات التي لن تنساها في حياتها. وبالفعل شاركت في موسم 2019/2020 من بطولة كأس دوكاتي المحلية في الإمارات وحصلت على لقب أفضل متسابق مبتدئ.
وأعقب ذلك تواجدها في بطولة BMR 600 في البحرين خلال عام 2020، وهنا واجهت المتسابقة السعودية ضربة قوية. حيث تعرضت لحادث كبير خلال إحدى جولات الاختبار، مما أدى إلى إصابتها بجروح خطيرة شملت كسر في العمود الفقري. تقول إن الدراجة كانت من ماركة كاواساكي ولم تركبها من قبل. وقد قررت حينها أن هذه لن تكون النهاية، بل مجرد البداية.
استغلت دانيا عقيل هذه الفترة لتؤلف كتابها الذي يحمل عنوان السقوط الحر، وهو عبارة عن مجموعة قصص قصيرة تروي من خلالها أهم التجارب وكل ما تعلمته في الحياة. ثم في عام 2021، قررت دخول عالم الرالي، حيث شاركت في البطولة الأردنية في سباق باها الأردن للسيارات، ثم انتقلت للمنافسة كأول سعودية في كأس العالم للسباقات.
كذلك شاركت في جولة بولندا، وقد كان الطقس في اليوم الأول من الجولة مشمسًا، وساعدت الظروف دانيا على الأداء الجيد. لكن في اليوم التالي هطلت أمطار غزيرة على منطقة السباق وتحولت الأرض من سطح رملي إلى أرض موحلة، مما جعل المنافسة صعبة وغيرت شكل حركة السيارة والتحكم فيها بشكل كبير، فيما تقول دانيا أن هذا الوضع هو ما علمها الكثير وكانت تجربة ممتعة وفازت بأول بطولة لها هذا الموسم في فئة T3، ثم في عام 2022 شاركت في نفس الفئة ولكن في رالي داكار، أحد أصعب التحديات في رياضة السيارات. وامتدت الدورة لمسافة 4000 كيلومتر وتضمنت 12 مرحلة واجهت فيها دانيا مجموعة متنوعة من الأسطح والرمال. واستطاعت دانيا الوصول إلى خط النهاية بالمركز الثامن من بين 37 منافساً في فئتها.
كما شاركت دانيا عقيل في جولة 2023 من رالي داكار التي امتدت لمسافة 5000 كلم واستمرت على مدى 16 يوماً، وتمكنت من إنهاء السباق خلال موسم هذا العام في المركز 28.