في عصر تتعاظم فيه التحديات المرورية وتتكاثر فيه أسباب الانحراف عن مسار القيادة الآمنة، تبرز مشكلة القيادة المشتتة كالشبح الذي يطارد سلامة طرقات الإمارات، مُسجلةً نفسها كالسبب الرئيسي للحوادث المرورية التي تنتهي بالأسف الشديد بفقدان الأرواح. وفقاً لأحدث البيانات المتوفرة من وزارة الداخلية الإماراتية لعام 2022، والتي تُشير إلى أن القيادة المشتتة هي المسؤولة عن 85 حالة وفاة، أي ما يعادل 25% من إجمالي الوفيات على الطرق. في ظل هذه الإحصائيات المؤلمة، تعاونت شركة الوثبة للتأمين مع RoadSafetyUAE لتحليل جذور هذه المشكلة وسبل معالجتها، في محاولة لتقديم طرق عملية لتقليل حوادث الطرق والارتقاء بمستوى السلامة المرورية.
تكشف الدراسة التي أجرتها مؤسسة YouGov بالتعاون مع شركة الوثبة للتأمين وRoadSafetyUAE عن الأسباب الجذرية للقيادة المشتتة، مشيرةً إلى أن استخدام الهاتف المحمول يتصدر قائمة هذه الأسباب، حيث يعترف 33% من المشاركين بأنه يشتت انتباههم أثناء القيادة. اللافت أن هذا التشتت يزداد بين فئات عمرية معينة وبين الوافدين العرب وسائقين في إمارة الشارقة بنسب مؤلمة. بالإضافة إلى ذلك، يرى 44% من المشاركين أن سلوك السائقين الآخرين يشكل مصدر تشتت كبير، مع تأثر أكبر بين النساء وكبار السن والغربيين.
تُعد أنظمة الملاحة والتعقيدات في النظام الطرقي أيضاً من بين الأسباب الرئيسية للتشتت بالإضافة إلى محاولة الوصول إلى أشياء داخل المركبة. تُظهر هذه النتائج أهمية الوعي بمصادر التشتت وضرورة التغلب عليها لضمان سلامة السائقين والركاب ومستخدمي الطريق الآخرين.
في ظل التحديات المتزايدة للقيادة المشتتة، تقدم الدراسة التي أجريت بالتعاون بين شركة الوثبة للتأمين وRoadSafetyUAE مجموعة من الحلول المبتكرة التي يمكن أن تساعد السائقين على تعزيز تركيزهم خلف المقود. من أبرز هذه الحلول، يبرز إجماع كبير على فعالية إسكات الهاتف المحمول أو إغلاقه كخطوة أولى نحو قيادة أكثر تركيزاً وأماناً، حيث أكد 77% من المشاركين في الدراسة على ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسة إلى أن تدابير أخرى مثل تحديد السرعة، وجود كاميرات مراقبة السرعة، استخدام أنظمة الملاحة، القيادة بمفرد، الاستماع إلى الموسيقى الخاصة، وحتى وجود الشرطة يمكن أن تسهم في زيادة التركيز أثناء القيادة. تسلط هذه النتائج الضوء على أهمية الجهود المشتركة من قبل جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك السائقين أنفسهم، الشركات، الهيئات الحكومية، ووسائل الإعلام، للعمل سوية نحو تقليل القيادة المشتتة وزيادة السلامة على الطرق.
تؤكد الشراكة بين شركة الوثبة للتأمين وRoadSafetyUAE على أهمية الدور المجتمعي والمؤسساتي في مواجهة تحديات القيادة المشتتة. يُشدد كل من موراليكريشنان رامان وتوماس إيدلمان على أن الوعي بخطورة هذا النوع من القيادة والتزام كل فرد باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنعه، مثل إغلاق الهاتف المحمول أو وضعه على الصامت، يمكن أن يُحدث فارقاً كبيراً في تقليل الحوادث والوفيات على الطرق.
يُعتبر دور الشركات والمؤسسات حاسماً أيضاً، حيث يمكنها المساهمة من خلال تطوير حملات التوعية وتقديم التدريبات والورش العملية لتعزيز مهارات القيادة الآمنة بين الموظفين والعملاء. كما يُعد التعاون مع الجهات الحكومية لتطبيق قوانين مرورية صارمة ضد القيادة المشتتة واستخدام التكنولوجيا الحديثة لرصد ومعاقبة المخالفين جزءاً لا يتجزأ من الحل.
في النهاية، تُظهر الدراسة والجهود المشتركة من قبل الوثبة للتأمين وRoadSafetyUAE أن مكافحة القيادة المشتتة تتطلب جهداً جماعياً يشمل الأفراد، المجتمعات، الشركات، والحكومات. من خلال تبني سلوكيات قيادة مسؤولة والالتزام بالإجراءات الوقائية، يمكن للجميع المساهمة في خلق بيئة طرقية أكثر أماناً للأجيال الحالية والمستقبلية.