ريما الجفالي تُعد من الشخصيات السعودية البارزة التي استطاعت أن تقتحم مجالًا كان محصورًا تقليديًا على الرجال، وهو مجال رياضة السيارات. كونها أول سائقة سعودية محترفة، أصبحت ريما رمزًا للإصرار والشجاعة، وألهمت الكثير من النساء العربيات لدخول هذا المجال الذي يتطلب قدرًا كبيرًا من الشغف، المهارة، والقدرة على التحدي.
وُلدت ريما الجفالي في عام 1992 في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية. منذ طفولتها، كانت تمتلك شغفًا بالسيارات والسباقات، وهو ما دفعها لاحقًا لمتابعة حلمها في عالم رياضة السيارات. على الرغم من أن المجتمع السعودي كان لا يزال في مراحله الأولى لفتح المجال للمرأة في قيادة السيارات، فإن ريما لم تدع ذلك يقف عائقًا أمام طموحها.
تلقت ريما تعليمها الجامعي في الخارج، حيث درست العلاقات الدولية والاقتصاد في جامعة نورث إيسترن في الولايات المتحدة الأمريكية. أثناء وجودها في الخارج، بدأت تتعرف على رياضة السيارات بشكل أكثر عمقًا، وشاركت في العديد من الفعاليات التدريبية لاكتساب المهارات اللازمة لدخول هذا العالم كمحترفة.
بدأت ريما الجفالي مسيرتها المهنية كسائقة محترفة في عام 2019، حيث شاركت في العديد من البطولات المحلية والدولية. ومن أبرز إنجازاتها مشاركتها في بطولة "فورمولا 4" البريطانية، وهي واحدة من أشهر البطولات العالمية التي تشهد تنافساً قوياً بين السائقين الناشئين. وتعتبر ريما من أوائل السعوديات اللواتي حصلن على رخصة لقيادة السيارات الرياضية في السباقات، وهذا يمثل تحولاً كبيرًا في الدور الذي يمكن للمرأة السعودية أن تلعبه في المجالات الرياضية المتنوعة.
وفي عام 2021، حققت ريما نقلة نوعية في مسيرتها عندما شاركت في سباق "لومان" العالمي، وهو واحد من أعرق سباقات التحمل في العالم. هذه المشاركة لم تكن فقط إنجازًا شخصيًا لها، بل كانت أيضًا إنجازًا تاريخيًا للمرأة السعودية وللمملكة ككل، حيث رفعت ريما راية المملكة في واحدة من أكبر المحافل الرياضية العالمية.
لم تكن رحلة ريما الجفالي في عالم رياضة السيارات خالية من التحديات. فبصفتها امرأة سعودية تدخل مجالًا يُعتبر ذكوريًا بامتياز، واجهت العديد من الصعوبات المرتبطة بالتوقعات المجتمعية والنمطية حول دور المرأة. لكن مع ذلك، كانت ريما مصممة على تحقيق أهدافها، متسلحةً بدعم أسرتها والمجتمع الرياضي الدولي.
علاوة على ذلك، كان على ريما أن تتعامل مع التحديات الفنية المرتبطة برياضة السيارات، وهي رياضة تتطلب مهارات بدنية وذهنية عالية، مثل سرعة رد الفعل، التحكم في الأعصاب، وتحليل الظروف التقنية خلال السباقات. ولكن بفضل اجتهادها وتفانيها في التدريب، استطاعت ريما أن تثبت أنها قادرة على التنافس مع نخبة السائقين على مستوى العالم.
إلى جانب إنجازاتها الرياضية، تُعتبر ريما الجفالي رمزًا للتمكين، ليس فقط للمرأة السعودية، بل للمرأة العربية بشكل عام. من خلال مثابرتها وشغفها، استطاعت أن تحطم الحواجز وتلهم الجيل القادم من الفتيات السعوديات والعربيات بأن الطموح والعمل الجاد يمكن أن يأخذهن إلى آفاق جديدة، حتى في المجالات التي كانت تُعتبر غير متاحة لهن في السابق.
ريما أيضًا ناشطة في الترويج لأهمية التعليم والتدريب في جميع المجالات، بما في ذلك الرياضة. وقد شاركت في عدة برامج تهدف إلى دعم المرأة السعودية وتمكينها من الدخول في مجالات متنوعة، بما في ذلك رياضة السيارات.